الخميس، 28 يوليو 2011

عن الإسرائيلية التي تشاركني السكن

.







.

في لوديف يطلبون مني أن أكتب عن الثورة
أن أصف شعوري بها من هذه النقطة أو أن أرسل لها رسالة من هنا
ولكن الرسالة التي ترسلها معي فرنسا إلى مصر تبدو بائسة جداً
بعد خلع الرئيس لا أحد يفهم ما يحدث في مصر

الشعراء من بلغاريا وألبانيا وصربيا يتحدثون عن ثوراتهم بمزيد من الأسى
يقولون أن الثورات هي محاولات أخرى لإرساء نفس النظام أو نظام مشابه
الحرية التي يحلم بها الجميع لا توجد
حتى هنا في فرنسا لا تجلس معي على الطاولة ولا تنعكس على حركة الآخرين
لماذا أكتب ما أكتبه الآن؟
أنا بائسة حقاً أترك أصدقائي يحاولون الصمود في الميدان
وأتسكع هنا في هذا المكان الهادئ

الإسرائيلية التي تسكن معي لا أستطيع أن أكرهها مع أنني أكره إسرائيل
لم أعرف ماذا أفعل معها أو ما هي المشاعر التي من المفترض أن تنمو داخلي حينما أراها ؟
هل سيتهمونني بالتطبيع مع العدو
إذا اعترفت أن زميلتي في السكن امرأة لطيفة تُدَرِّسُ الكتابة الإبداعية في إسرائيل؟


أنا أكره إسرائيل
هل هذا يعني بالضرورة أن أكره يائل التي تتحدث معي الإنجليزية بطلاقة
يمكنني أن أغير هذا الأمر فوراً
أن أتصل بإدارة المهرجان وأطلب الانتقال لمكان آخر
أستطيع أن أتجاهلها أو أعاملها بجفاء
لكنني لا أريد أن أُضيِّع فرصتي الثمينة في الاقتراب من العدو


يائل امرأة لطيفة في منتصف الخمسينات
تقول لي أن الحكومة الإسرائيلية عدوتها هي أيضاً
وأنها لاتوافق على قتل الأبرياء

تقول أنها تصرخ بذلك داخل إسرائيل
وأنا لا يمكن لي أن أصدقها أو أكذبها
أعاملها مثلما أعامل الجميع، أتمشى معها وأتكلم معها وأقدمها للآخرين
وأخاف أن يكون هذا انتقاصاً للشرف

هل سيتهمني أصدقائي بالخيانة
إذا حكيت لهم أنني أنام على بعد خطوتين من غرفة عدوتي؟

يقول لي صديقي اللبناني: أنا لا أستطيع الاقتراب من أي إسرائيلي أو الكلام معه
لكن أنتم لديكم اتفاقية سلام معهم
أرتبك ولا أعرف كيف أشرح له أنهم أعدائي أنا أيضاً لكنني أستلطف يائل
( أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم )*
هذا صعب جداً ومؤلم

أنقسم لامرأتين تتشاجران طوال الوقت وتتهمان بعضهما بالخيانة وتربكاني
زميلتي في السكن تقتسم معي الطعام والقهوة
تحكي عن أطفالها وتجلس معي تحت الشمس
الإنسانة بداخلي تملك زمام الحكاية وتهمس لي أن الله خلقنا جميعاً
لسنا ملائكة ولا شياطين اتبعي قلبك
واطمئني

الخائفة بداخلي تصرخ : ماذا تفعلين بنا ؟
سيشهرون بكِ ويلوثون سمعتكِ
أنت تجلسين بجوار العدو

تقول يائل أن وضعينا شائكين بقوة
وبأنها فرحت بالثورة واندهشت

الناس داخل إسرائيل لا يصدقون حكومتهم أيضاً
ولكنهم كانوا يرون مبارك يتكلم بهدوء
فلم يتصوروا أنه ديكتاتور وأن المصريين يتحملون كل هذا القمع


أتذكر صديقي الذي يترجم أعمالاً أدبية لإسرائيليين وأفكر
كم أنت شجاع
يا نائل

إنهم يدرسون اللغة العربية كلغة ثانية في مدارسهم كي يعرفون عدوهم
ونحن نتحرج من الظهور معهم علناً وبالمصادفة في أحد المؤتمرات
ربما كان من الأفضل أن أذهب بعيداً وأتجاهلها فقط لكن فرصة ذهبية مثل هذه لن تتكرر

لقد اخترت إجابتي التي ليست بالضرورة إجابة صحيحة
لكنها إجابتي






.....
لوديف २०११


......

*سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتُبغض عدوك। وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم। أحسنوا إلى إلى مُبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (متى 5: 43 ، 44)


الصورة من لوديف حيث أقيم مهرجان البحر المتوسط للأصوات الشعرية
photography by:Jelena लेंगोल्ड




.....

4 التعليقات:

مؤنس فرحان يقول...

ست الحسن

سبحان الله النقطة اللى كنا بننتقدها طول الوقت فى النظام السابق .. دلوقتى تبدو فى صالحنا

فى الدول اللى ذكرتيها دى فعلا إتشال نظام دكتاتورى و جا مكانه نظام دكتاتورى تانى .. بسبب كلمة كنا دايما بنرددها قبل كده .. دولة مؤسسات

شوفتى عندنا الهتافات اللى كانت بتطالب بـ حل الحزب الوطنى و أمن الدولة و المجالس المحلية

هناك بقى كان مطلوب منهم يحلو البلد كلها من أول و جديد .. لأن كلمة فساد متغلغل ماكانتش موجودة .. كان كل شئ فاسد و أكتر مننا كمان فى بعض النواحى .. لما مسؤولين من حكوماتهم ينكشف تورطهم فى تجارة الرقيق الأبيض .. يعنى الحكومة وصلت انها بتتاجر فى الشعب وتبيع وتشترى فيه بمعنى الكلمة

إحنا بقى موش دولة مؤسسات .. احنا على الله .. و يمكن دا أسهل لينا اننا نبنى نظامنا من جديد

-------------------

فيه حاجة إسمها القوة الناعمة .. طبعا القوة الخشنة هى القوة العسكرية

القوة الناعمة هى قوة معنوية بيتم تجسيدها من خلال أفكار و مبادئ لدعم الحريات وحقوق الإنسان ومساعدة الدول الفقيرة و التفوق الرياضى .. والإنتشار الثقافى .. و عادة بيكون رأس الحربة فى القوة الناعمة هو الإعلام

و عن طريق القوة الناعمة نقدر نؤثر أو نسيطر على الآخرين .. مثلا مصر زمان كان لها قوة ناعمة فى أفريقيا .. و فى الوطن العربى و فى مجموعة دول عدم الإنحياز والبحر المتوسط .. بس الله يجازيهم بقى اللى بهدلونا

المهم

من ضمن أساليب القوة الناعمة هى فكرة لطف الإنسان

دوول ناس زينا طيبين وحلوين ومثقفين ومتحضرين جداا .. بس هى الحكومة بتاعتهم اللى وحشة

يائل بتقولك ان حكومتها عدوتها هى كمان ... هما دايما كانو بيقولو انهم إسرائيل دولة ديمقراطية .. دولة متحضرة .. دولة من دول أوروبا بس حظهم وحش ان جيرانهم عرب ومتخلفين

لو فعلا الشعور دا سائد فى إسرائيل .. ببساطة الرد يكون انتم دولة ديمقراطية .. غيرو الحكومة .. بلاش تختارو حكومة مجرمة ومتعصبة

ليه دا مابيحصلش ..؟؟

لأن كل دا أونطا .. كلام فى الهوا

إندهاشها من ان مبارك طلع ديكتاتور .. ياااه هو كان وحش كده وانتو مستحملين .. داحنا كنا شايفينه راجل هادى وطيب وعاقل


عفوا يا غادة .. مهما قابلنا ناس منهم لطفاء ومتحضرين وعندهم منطق ... ولا ليه أى قيمة

يا فرحتى .. استفدت انا إيه بكل دا و أهالينا محتلة أراضيهم ومشردين وبيروح منهم شهدا كل يوم ... حتى الأطفال بيقتلوهم بـ دم بارد .. هدم البيوت

فكرة هدم البيوت دى أصلا ... بسبب عقد نفسية عندهم

تخيلى شعب كامل عنده عقدة نقص انه طول تاريخه مالوش وطن .. و مكروه من كل الشعوب

إعجابك يـ يائل عادى مالوش علاقة بفكرة الخيانة ... إحنا معجبين بـ فنانين كتير فى أكتر من مجال وبنكتشف انهم إسرائيليين .. و دا موش بينقص من إعجابنا بـ فنهم أو إبداعهم أيا كان


كرهنا لإسرائيل كره منطقى و عقلانى ... رد فعل نتيجة فعل ... كوننا نلاقى ناس كويسين عندهم .. شئ كويس بس المهم أنا مستفيد إيه ..؟؟ هل الناس دى ممكن بعد كده مثلا لما يفهمو وجهة نظرنا ونظرتنا ليهم هما كمان يؤثرو فى غيرهم و شوية بشوية الأشخاص داخل المجتمع الإسرائيلى يتغير فكرهم.. فيكونو قوة ضاغطة على حكوماتهم فعليا

مقابلتك لـ يائل كانت فرصة جميلة جداا موش ليكي .. لكن ليها عشان تعرفك

و فى كل لقاء يحصل فى أى مناسبة أو ملتقى ما .. شئ كويس اننا نعرفهم بينا .. عشان الصورة اللى عندهم تتغير.. فبالتالى هما كمان يتغيرو

--------------------
شئ كمان مانلومش على إللى يتأفف من اللقاءات دى و خاصة لو كان موتور .. يعنى تأذى بشكل مباشر منهم

لأن إحساسه بيكون غير إحساسنا

---------------------

نورتى مصر من تانى

ست الحسن يقول...

مؤنس

شكراً لوجودك

غير معرف يقول...

مررت مصادفةً بالمدونة..لفتني العنوان
ولا أدري كم نحن حياديون وانسانيون حتى نستطيع تطبيق كلام الكتاب المقدس"احبوا اعدائكم باركوا لاعينكم" ولابد للانسان ان يقع في الشيزوفرينيا امام هكذا حالة..لكن اعتقد ان المصريين قد اعتادوا للاسف على المهادنة والتطبيع مع اشرس عدو مر على المنطقة العربية
والسبب النظام السابق ..

ما يجعلك تأخذين موقفاً حاسماً موقف تلك اللطيفة الاسرائيلية إن خُيّرت بين ان تعود الى موطنها الاصلي او تبقى باسرائيل الكيان الغاشم فستختار اسرائيل
لطفهم لا يعود لنا بملايين الارواح المسفوكة
لطفهم لن يرد الابتسامة للثكلى واليتامى والارامل
لطفهم لن يعيد موطننا

أقول لك في النهاية ما قاله محمود درويش...
سجّل أنا عربي

لاتنسى عزيزتي

Unknown يقول...

انت رانسانه رائعه