الجمعة، 6 ديسمبر 2019

رسالة إلى الغضب







عزيزي الغضب:
أهلًا بك في حياتي مرةً أخرى، هل أزعجتُ نومَكَ؟
حينَ تنامُ تعتلُّ حياتي
أحتاجُ إليكَ يقظًا معي.
متى ظهرتَ في حياتي؟!
ماتت جدتي وأنا في الثامنة، لم يخبرني أحدٌ ما هو الموت؟ أو أين ذهبت جدتي؟
أنتَ كنت هناك، رجلًا كبيرًا في سن أبي، ملامحُكَ حادةٌ، عيناك واسعتان وحاجباك كثيفان وملتصقان تقريبًا. جسدُكَ مفتولٌ، أنفك ضخمٌ وبشرتُكَ داكنة.
لم تكن تبتسم لذلك خفتُ منكَ، واخترتُ أن أتجاهلكَ. صوتكَ كان عاليًا جدًا وأنا أصرُّ على أنك خيال، مجرد خيال إذا تجاهلتُه سيختفي. أنتَ تكورتَ داخل رأسي، على هيئة صداع نصفي لا يمكن محوه إلا بإفراغ كل ما بداخلي. كل شيء يندفع من فمي حتى يصل جسدي إلى الموت/النوم. ثم أستيقظ بجسدٍ ضعيف ومنهك لكنه خالٍ منكَ.

.
تجاهلتُ وجودك مرة أخرى حين انتهكتني أمي بعد حادثة تحرشٍ بسيطة، كلامُك كان قاطعًا ووجهك أحمر، صوتُك يعلو على صراخ أمي ويحتلُّ الغرفة.
أنتَ كنتَ هناك حين أغلق أخي الباب بالمفتاح كي يمنعَني من الخروج عنوةً، فتحتَ معي الشباك وصرخت على الجيران، صنعنا معًا فَضِيحةً صغيرة أنقذتني من سطوة أخي.
يا غضبي الأقوى، أذكر التصاقك بي حين سحلتني أمي من شعري على السُّلم، أنت دعمتني وذهبنا معًا إلى المكتبة دون خوف.
أعتذر يا حبيبي، كنتُ أتهمُكَ بإفسادِ أنوثتي واركض بعيدًا، مع ذلك جئتَ معي إلى المأذون واحتضنتني هناك.

.
أنتَ تحبُني وتحميني، 
أعرفُ ذلكَ الآن.
الآن تبتسمُ لأنك أخيرًا صرت محبوبًا ومقبولًا.
أيها الغضب المعلمُ والحامِ، اسمح لي أن ألتئمَ بكَ، أنت يا جمالي المُّدخر الغائب.
يا كتلة الشمس الأبهى، 
ضُمَّني إلى دفئكِ الآن.


2019
....


تم إنتاج هذا النص داخل ورشة السيكودراما والكتابة مع سحر الموجي في دوار 2019
اللوحة المرفقة من رسومي

..