الاثنين، 22 مايو 2017

إلى أبي





أنت تمنعني من الكتابة، تخفي أقلامي ثم تضحك وتطلب مني أن أكتب بأصابعي. لا أسامحك يا أبي، أنا وحيدة في غيابك وأنت تركتني دون أن تعلمني الحياة.
الحياة مكتوبة بحبر سري ومخادعة، كلما تعلمت حروفها غيرت لغتها.
لن ترد على رسالتي طبعًا، ذلك سيكلفك كارت بوستال من الجنة مع لعبة خشبية على هيئة كلمة طيبة.
أحبك جدًا لكنني غاضبة، اخترت أن تموت دون موافقتي. قرارك قام ببتر الأمان من حياتي وأصاب ظهري بألم دائم. رأسي مصابة يا أبي، الإيشارب يلتصق بها ولا أستطيع نزعه أبدًا. امنحني رأسًا سليمة وعارية من علامات الجودة.
هل سكت قلبك حقًا؟ ممن ورثت قلبي الذي يتكلم إذن؟
أمي قررت أن تخاصمك لأنك لا تكلمها في الأحلام، هل تستطيع التعرف عليها الآن، جمالها مازال حيا ونابضًا ومحفوظًا في الدولاب داخل فستان خطوبتها.
أمي تخاف، وأنا أيضًا، ما هو شكل العالم خارج الخوف يا أبي؟
لست خضراء كخالتي ولا أنا رمادية مثل أمي، أنا بيضاء وجميلة مثل غادة نبيل.
كيف تبدو أنت يا أبي؟ كنت أتخيلك تشبه حسن عابدين في مسلسل "في حاجة غلط"، ثم تمنيت لو أنك تشبه أستاذي عمر جهان.
تقول امرأة أخرى توقفت عن البحث عنك:
"من قال أنكِ تحتاجين إلى أب، تم إنقاذك من أذي كبير، خيط الحب الذي تتوقين إليه سيلف حول رقبتك ويمنعك من التنفس، أنت محظوظة بغيابه"

أريد كنزي يا أبي، أين الكنز الذي دفنته في شالك الأخضر، علمني أورادك يا حبيبي وسرب لروحي صفاءك. أنتظر ردك فعلا، غضبي لن يزول من تلقاء ذاته. أحتاج إليك ، افعل أي شيء وكن معي، أريد أن أشم رائحتك وأن أحتفظ لك بصورة داخلي. أريد الجلوس على ركبتيك والعبث بشعرك، أريد احتضانك جدا
أنت أبي الوحيد وليس بإمكاني شراء أب آخر.

...

2017

...