الاثنين، 15 يوليو 2013

ليزر أخضر





أضع المشبك داخل فمي بينما أنفض ملابس النوم الفضفاضة
وأراقب الورود الكبيرة التي تروق لأمي ولا أعترض على ارتدائها
صوت الهليكوبتر يأخد عينيَّ لأعلى
أراها وخيوط الليزر تلتف حولها مثل عنكبوت أخضر
أنتظر أن ترتطم بالبيت وتحرق العالم
 
لماذا لا يمكن لي أن أمتلك بيتًا
إلا عبر الدخول في متاهة العلاقة مع الآخر؟






أبتهج حينما نكون معًا
ولا أثق أن عينيك تعملان
أجلس معك وامرأة تندب داخل قلبي
( لن يحبكِ ... لن يراكِ ... كل هذا يتكرر)

ليس بإمكاني أن أطلق النار على رأسي
ولا تسمح لي المسافة أن أصرخ بك
( أنا مجنونة وامرأة بداخلي توشك على افتراسي الآن)


 
أصرخ من تفاصيل تتحرك على أطراف جسدي
وتلتهم الخبز المخصص لأحلامي

أرجع إلى بيت أمي بأقدامٍ مغسلولة بالخذلان
ومدربة تمامًا على الوقوع في جميع الحفر
أمي تطلب مني أن أصبح أمها
وانا أراقب الأطفال الذين يموتون داخلي
وأبتسم للبطاطس التي تنضج داخل زيت يغلي
 


 ....





painted by: Marina Povalishina


...

الأحد، 7 يوليو 2013

رغبة في تجريب حيواتٍ أخرى - مشمش وغادة خليفة








عزيزتي غادة، 


تعلمين، هناك مسائل في الحياة ستبقى معلقة للنهاية، حتى أني أؤمن، أننا في النهاية – بعد نهاية الأمر كله – سنكتشف أنها – المسائل – ستبقى كما هي، غير منطقية، غير مبررة، غير مفهومة إطلاقاً، لا نحن نفهمها، ولا الأشخاص الذين سنقابلهم هناك.. في النهاية.


مثلاً (لتقريب الأمر وتبسيطه)، أرسلت لكِ قبل سنوات رسالة بريدية أقول فيها أنني معجب بما تكتبينه هنا، ولم أتلق رداً على الإطلاق، هذه واحدة من المسائل.. صدقيني (لو تصدقين) أنه حتى مبررات انشغالك لن تكون كافية لإضافة منطق ما على المسألة.. ستبقى هي، كما هي، غير منطقية، غير مبررة، غير مفهومة. ستبقى كذلك، لأنها أرادت أن تبقى كذلك.


لا أريد أن يأخذ الأمر طابعاً شخصياً ثنائياً، فالمسألة أكبر، أو أعقد، أو دعينا نبحث لها عن صفة في النهاية.
ولأنها مسألة، يمكن البدء بسؤال ما، سؤال واسع جداً، سؤال بديهي، على أنه مهجور ومتروك حيث هو دون استخدام..


غادة، من أين تأتي الأشياء؟.. بعض الأشياء لدينا قدر من المعرفة (ضئيل) حول مصدرها، والبعض الآخر نعاني للحصول على إجابة له.. رسالتي هذه متعلقة بالبعض الآخر..
و"بعض"، التي تستخدم عادة للإشارة إلى ما بين الثلاثة والتسعة (هكذا قال الأستاذ في الدرس)، تخص في نظري ثلاثة أشياء محددة، الحب، الكتابة، الأحلام.

لنضع كل منها في سؤال منفصل..
من أين يأتي الحب؟
من أين تأتي الكتابة؟
من أين تأتي الأحلام؟


وسأحكي قصة قصيرة، تلخص حاجتي الشخصية، لإجابة واحدة، عن الأسئلة الثلاثة..
فأنا، شخص لا يخلص للحب (هذا ان افترضنا جدلاً ايماني بوجوده في الأساس)، لا يخلص للكتابة (لا أعتقد في قرارة نفسي أني أجيدها)، لا يخلص للأحلام (فهي مجرد صور ملونة نراها خلال النوم لقتل الملل).

ستة أشهر مضت، وثلاثية الغموض تلاحقني، بدأت من النهاية، الأحلام.. وهناك، ألقاها.
هي، وربما قبل الحلم الأول كنت سأتردد قليلاً في وصفها بـ"هي"، المسافة الفاصلة بيننا تمنعني من التأكد إن كانت ذكر أو انثى. تصدقين؟، لهذه الدرجة..
زميلة، بعيدة، خارج إطار التفكير العاطفي، أو حتى العقلاني، تأتي، تذهب، ترحل، تعمل، تتكلم، تسمع، تبتسم، وتلقى التحية كل صباح، روتين يومي يمنعني من تخيل العلاقة أكثر قرباً بأي حال.
ثم أنها لا تروقني، فعلاً، حقاً وصدقاً، لا أفضل هذا النوع، لا أفكر فيه، لا يشغل بالي، ولا يخطر على عقلي.

ثم، رحلت بعيداً، سافرت، وحين غادرت مكتبنا (بسبب مشكلة تخص العمل) كنت أعتقد أنني حصلت على جرعة من الراحة، راحة من الراحة، دعيني أقول أنني بالأساس لم أشعر برحيلها، فأنا من الأصل لم أشعر بوجودها.
رحلت، ونسيت القصة،
أوف، لم تكن هناك قصة من الأساس، القصة تبدأ الآن..



الحلم الأول : هي، وراء سور حديقة، وأنا في شرفة عالية مطلة.. تقترب من السور فلا أراها.. تبتعد للخلف، ترفع رأسها، فأرى أجمل وجوه البشر.

الحلم الثاني : هي، تحدثني في الهاتف، تقول : مالك؟.. أبكي، وأقول : مشتاق.

الحلم الثالث : هي، تجلس أمامي على الأرض، وأنا بجوارها، أسألها "زعلانة؟"، تقول "بل مقهورة"، والسبب دون أن أسأل هو أنا، ثم تنظر عالياً، وتظل تتلو ما تيسر من كلماتي التي أكتبها يومياً على صفحتي الإليكترونية، تتلوها بتأني وحب، أبكي، ألاحظ أن بعض ما تقوله ليس من كلماتي، لم أكتب هذا أساساً، لكنه يشبهني جداً، كأنها كتابة أتمنى لو أكتبها يوماً.. أراقب الكلمات تخرج من شفتيها، أذوب، سعادة لا نهائية، كأني أعرف الحب نائماً، للمرة الأولى والأخيرة.. أبكي، تبتسم، تقول : صالحني.

الحلم الرابع : هي، تجلس أعلى مكتبي، تحرك قدميها، تشبه الأطفال، أنظر إلى الكتب الكثيرة المرصوصة بنظام على المكتب، تلمح عيني عنوان"كائن لا تحتمل خفته – ميلان كونديرا"، أعود وأنظر لها، تبتسم في شقاوة بريئة، لن تكتب مجدداً، إلا عني، ابدأ بالكتابة عني، وإلا، لن تعود الكتابة أبداً.. أشعر بالغضب، لكني أدرك أنني قد غرقت.

...............

هذا هناك، في الحلم، إيقاع هادئ وصور ملونة تقضي على الملل بينما ننام. ما الذي يجعلني أفكر في الأمر وأنا هنا، في الواقع، إيقاع صاخب، وصور رمادية، حيث العمل، الشوارع، الزوجة والأطفال، والزحام والضوضاء. لماذا تطاردني بهذا الشكل؟.
كيف أتذكر الأمر أصلاً؟، وكيف أسمح له بالتأثير في قلبي، (لاحظي أننا هنا نتحدث للمرة الأولى عن القلب). ما أهمية الأمر أساساً؟. وما قيمته؟.
كنوع من أنواع العبث، فتحت صفحة بيضاء وبدأت الكتابة، كل الأفكار تطير، إلا هي.


وكنوع من أنواع الجنون، دخلت على صفحتها الإليكترونية، أتامل الصور، كيف أصبحت جميلة بهذا القدر، كيف أصبحت أحبها لهذا الحد؟.
هو، حب كامل، لأنني، مع عدم إخلاصي الكامل للحب، أدرك عنه أمرين، الأول، أنه وجع، والثاني، أنني لم أشعر به من قبل. وها أنا أشعر.
في قلبي وعقلي يقين كامل، أنها على علم بالمسألة كلها. هي تدبر الأمر، هي تصنع سحراً ما لتطاردني في الأحلام (أصبحت تأتي يومياً)..

أصبحت أعرف، أنني لو سألتها بشكل مباشر عما يحدث، سترد بما فيه الكفاية، هي تعرف ما يحدث.. هي تدبره.. هي تقف وراءه، هي تريدني هنا.. في هذه الحالة.. كما أنا.. ودون إنقاذ.

أنا موجوع، أسير، غاضب، عاجز، مقيد، أنا هنا.. وهي هناك. ومجرد تفكيري في تواصل مباشر معها هو التعريف العلمي للعبث، (لأمور تخص العمل وطبيعة العلاقة المهنية غير الطيبة بيننا)..

دعينا من كل هذا، وفكري معي..


ماذا يحدث؟
لماذا يحدث؟
كيف يحدث؟

فسري – إن استطعتِ – الأمر.. لعلنا نعرف سوياً أجوبة الأسئلة الثلاثة الأولى، عن الحب، الكتابة، الأحلام.. فننشرها، لتعم الفائدة، ويستفيد البشر.

مشمش
( لم يتم كتابة اسمه بناءً على طلبه)
........................................... 



إلى مشمش


لماذا قبلتَ الاشتراك في لعبة الرسائل دون أن تقرأ ما يكتبه الآخرون، 
دون أن تسألني عن شروط اللعبة؟
كأنني ألقيتُ أليكَ حبلًا كنت تنتظره
كأنك سمكةً تراقب هذه المركب العابرة وتبتسم للطعم

لماذا تكتب إليَّ رسالةً تشبه الرسائل التي يتبادلها المقربون
تخبرني عن أحلامك بامرأةٍ لا أعرفها وتطلب مني ان أخبز سحرًا يشفيك من الحنين
لا أعرفك ولا أعرف امرأتك
لكنَّك تبتعدُ عن كل ما تحبه أو هكذا تخبرك نداهة أحلامك

ماهي السعادة يا غريب؟
من أخبرك أنني أخبزها للعالم؟
هل تشبه نفسك حقًا؟
هل تنطبق صورتك في المرآه عليك؟

حينما تلعب مع ابنتك هل تتبادل الأماكن معها أحيانًا
الشغف الذي يأخذ الحواس والقلب معًا هل يتمشى داخل أيامك
أم أنك نسيته

في الحلم القادم ستخبرك عروسة البحر أن حياتك ستتعطل قريبًا
ستطلب منك أن تضغط على الرقم صفر كي تكرر المحاولة من جديد
لا تنسَ أن تخبر الطفل الذي نسيته داخلك أنك تحاول الاتصال به دون جدوى
لماذا تركتَ الحبيبة تمرُّ بكَ دون أن تخبرها
على الأقل كانت ستذهب إلى عالمها الجديد بابتسامة


أقابل الوحوش واحدًا بعد الآخر ومثل ماريو أضطر لإعادة كل شيء مرة اخرى
لكنني حينما وصلت
وجدت نفسي أقف أمام الأمير ولا أملك الكلام
بعد أن أنفقت عمري في اكتساب صوتي
فقدت الكلام على أعتاب جنتي

لا أعرف من أين يأتي الحب
لكنني أعرف كيف يموت، 
وكيف يذوب مع الوقت، 
وكيف يذوي داخل الكراسات دون أن يراه أحد.

لماذا تسألني عن أحلامك ؟
امرأة الأحلام لا تكف عن مطاردتك أيها الفارغ من هواء الاهتمام
أيها الخفيف الذي يملأ أيامها بالأسئلة
هل ترغب في خوض مغامرات صغيرة زهيدة التكاليف
يطاردك طائر الحب بعد أن امتلكت بيتًا وامرأة
يطاردك كي تهيم قليلًا في الخيال وتكسِّرُ قلب امرأة أو اثنتين في الطريق


كنتُ أتلصص على مدونتك كل يوم
أنتظر أن تضع نصًا جديدًا يبهجني
كنت أتابع كل ما تكتب منذ ثلاث سنوات تقريبًا
ثم ارسلت إليَّ رسالة دافئة تخبرني أنك تحب ما اكتب
ماذا كنت تريد مني يا غريب
أن أذهب لمقابلتك وأنا نصف أحبك تقريبًا
ثم أغادرك وأنا ممتلئة بالشغف والحزن معًا
ثم نخترع مجموعة مصادفات كي نلتقي مرة أخرى
ثم يصير الشوق جارحًا والألم حادًا
أمحو رقم موبايلك وأبكي كل يوم حتى يسيل الوجع خارج روحي
أشعر أنني ملعونة لأن كل من أحبهم ليس بإمكانهم إكمال الطريق معي
ثم
بعد وقتٍ طويل سيمرُّ
أُشفى من كل هذا

.
اخترتُ عدم الرد على رسالتك
كي أقمع كل هذا الخيال الذي تمشى داخل حياتي من قبل


كيف تختار أن تذهب خارج الحب دون مشقة؟
تبدأ مغامرة جديدة داخل رأسك المسكونة بالعمل
أحلامك لا علاقة لها بالحب الذي تتصور أنك تتعرف عليه الآن
أنت تتكسر من جفاف أرضك
تحتاج إلى أمطار المشاعر الصاخبة كي تهتز روحك من البهجة
لا يمكن ان أرسم لك خريطة للخلاص
لكنك بدأت فعلًا في الكتابة

الكتابة تبدأ من الرغبة في تجريب حيواتٍ أخرى

يمكن للفرح أن يدخل من شقوق الجدران
فقط لا تغلق عينيك باتجاهه


  ....
غادة خليفة

يونيو 2013



.....


painted by: CHARLES WILKIN




....