الخميس، 24 يونيو 2010

كابوس التمام




.

......................................إهداء

......................................إلى الغريب الذي استمع إلىَّ
......................................ثم قال : اصنعي لنا نصاً من هذا الخيط الرائع
......................................اغزلي خيوطك وإلا سأشكُّ بإتقانك للغَزْل


.



مجبرةً أعودُ إلى نُقطةٍ قديمة
يأتي بي محمدٌ إلى هناكَ كي أعرفَه مرَّةً أخرى
أصعدُ قصرَ السلطانة،
كلَّما خطوتُ لأعلى يُظلمُ الدَّرج خلفي
أصعدُ
الدَّقاتُ البطيئةُ المنتظمةُ تتبعُني
قلبي يخفقُ
ألتفتُ فجأةً لمواجهةِ خوفي
أجدُ امرأةً في الخمسينات تضعُ مكياجاً ثقيلاً
أتعرَّفُ على نفسي بصعوبةٍ


محمد يخرجُ من الحَضرةِ
مرتدياً عمامته الخضراء التي يُحكم لقَّها بابتسامةٍ

الصغيرةُ تخرجُ من الجامع المواجه ملتفةٌ بأبيضها الكامل
يقتربُ ،
يضعُ يداً على صدرها
تقاوم
يُغويها أو ينتهكها
تصير امرأةً فجأة
ترتدي الحريرَ الأبيض الذي يكشف ذراعيها وعنقها
شعرها ينسدل في نعومةٍ
تجلسُ على سريرٍ واسعٍ معه

أدخلُ قصر السلطانة لأجد نسائه الكثيرات ،
عشيقاته وجواريه وكل الذين عذَّبهُم من قبل
ستحكي كلُّ واحدةٍ حكايتها معه
أنا آخر امرأةٍ ستحكي – بالرغم من أنَّ نساءً كثيرات أتين بعدي –
سيكون علىَّ أن أروي حكايتي المُخجلة معه
كيف سأصفُ اقترابي منه وافتتاني به ؟،
كيف سأقنعهن أنني أحببته مثلهنَّ جميعاً وربَّما أكثر
لا أملكُ تفاصيل حيَّة لأنَّه لم يلمسني ،
لم يلتقط كفي بحبٍ ولم يترك علامةً على شفتىَّ
أخجلُ من افتضاح أمري كأنثي غير مرغوبةٍ من أحد

الطفلُ ينحني على الأرض ، يسجد بعكس اتجاه النار
الصوت يخاطبه وهو يحرَّك أصابَعه على الأرض
- يا محمد
إنَّ هناك أفعالاً وخطايا
في الحقيقة لا فارق بينهما
كلاهما أفعال

أصرخُ وأسقطُ على الأرض من الوجع
محمد يقطعُ المشهد ويخرجُ من وراء النار
يغامرُ بإغضاب السلطانة صاحبة القصر
ينادي على امرأةٍ ما كي تنقذَني

أصدقاءُه يظهرون فجأةً
ينادون بإجلال واحترامٍ شديد
- تفضَّل يا محمد
( إنَّ اسمه يتكرر كثيراً هنا )
يدخلُ وقوراً في نهاية الثلاثينات
يمشي ببطء ويستند إلى عصاه
ويخاطبني في هدوء
- هل تحبها
أصرخُ : جداً .. جداً

في البيت الذي لا يشبهُ بيتي
يجتمعُ بأصدقاءه بينما أعيد ترتيب حجرةٍ ما كي أُسرِّبَ قلقي
أجده وحده في البلكونة وسيجارة المخدرِ بيده
أغضبُ وأغادرُه بسرعة
صديقاتي يخبزن له الطعامَ ويقدمن له الهدايا
كلُّ هؤلاء الذين رأوه بعينيَّ
اتركه لهنَّ مرَّةً أُخرى

يأتي إلىَّ
فأهمسُ لنفسي: كان من الممكن أن يكون الأمرُ أسوأ ،
لو كنتُ داخل حجرتي لاكتشفَ أنَّ اسمه موجودٌ على جدرانها

النساءُ يرقصن بدلالٍ فرادي وجماعات
وهو يظهر بينهنَّ دائماً
الكاميرا تصعدُ من أصابع قدميه إلى أقدامه ثم إلى ساقيه
إلى ما بينهما
العضو الأنثوىُّ يظهرُ بوضوحٍ
الكاميرا تصعدُ إلى أعلى كي تصل إلى وجه محمد

الرجل الأسود يأتي بحثاً عنه
أستعطفه كي لا يؤذيه
- من فضلك لا تقتله
- لن أقتله
سأتزوجه فقط

أذهبُ مع الرجل إلى حجرته
لأجدَه يجلس إلى طاولة الرسم
عيناه مُكحَّلتان بالأسود وشفتاه مصبوغتان بالأحمر
ولون الفضة يلمعُ حول عينيه
حينما يرانا معاً يعرفُ

- ألبِسُوني عِمَّة الجنون
الرجل يضع سِلكاً أسود حول رأسه ويقيد يديه
أنظرُ في عيني محمدٍ وأصرخ
- انتَ لستَ مجنوناً
أنت مذنبٌ
ينهارُ محمد ويصرخُ قبل أن يختفى
تاركاً كتاباً مفتوحاً إلى الداخل
لا نرى منه سوى الغلاف الأخضر



.....

الجمعة، 18 يونيو 2010

رقصةُ الشطرنج



.



.

أحاولُ إخفاءَ أجنحتى
مع ذلك يصلُهُم صوتُ الرَّفرفة الخافتة

أغرق في الغضب البطىء من قوتي التي تُضعفُني
روحي تندفع من فمي
أستديرُ باتجاه الفراغ وأذهب

الغريبُ يصعد من باطن الأرض فجأة
يلمسُ أغلالى بلطفٍ ويبتسم

- أنتِ غير متزنة الآن
ببساطةٍ شديدة تنقلين مشاعرك من خانةٍ إلى أخرى

العربةُ توشك على الاصطدام بي
الغريب يقتربُ ويبتعد
قبل أن يتركني في طريقٍ مبهمٍ أرتجفُ

أتقيَّأُ ذاكرتي في طبق الغريب كي يحبَّني
بالرغم من أنَّ الغرباء لا يحبونني
فقط يمرون بي كي أعرفَ

- أنا أفهم أكثر
أنتِ لست متأكدة وتحبين الرقص كثيراً

- أنا في النور حتى ولو لم تصدقني
أحبُّ الرقصَ معكَ

العربة المسرعة تمرُّ علىَّ
ملاكي الحارس يلتقط يدي ويخبرني كم أنا جميلة
الغريب يرتبكُ بمواجهة الدماء
يذهب معي للمستشفى ويتشبث بكفى
الأواني تتكسرُ فجأةً كلما مرَّ


هذا الرجل لا يرتعشُ لحضورى
يجلس على الناحية الأخري ويراقبني ببطء
جسده مُحيَّدٌ ومشاعره تفلتُ قليلاً
طفلٌ صغيرٌ يطلُّ في نظرةٍ خاطفة
خبز الحنان يتخمَّرُ ببطء ويراقب النيران في هلع

- الأمرُ ليس نزهة خفيفة في الممر
أنا ممتلىءٌ بأسئلة مغلقة وأنتِ لا تملكين الإجابات

أتكىء على حدسٍ قديمٍ بشأنك
ليس بإمكاننا أن نعرف قبل أن ننهمر في الصدق
لا تُخضعني للمراقبة
بإمكانك أن تعرفني أكثر إذا أطلقت عنان الثقة
واستمعت لنفسك معي

لا تخف
سأنحنى لك وأصفق قبل أن أُغادر فوراً
ليس بإمكاني البقاء في الخوف

إن غَزْلَ الوقت يحتاج إلى إرادةٍ وهدوء
هل فكَّرت أنَّك ستنتهى يوماً من الغَزلِِ
وتقفزُ إلى البحر
البحرُ الذي يطلُّ من عيني امرأةٍ لا تعرفُكَ
تصعدُ من باطن الأرض فجأة كي تجدكَ



.....


ملحوظة مهمة جداً

شكراً للصديق عمر محمود هاني
للمساعدة في عمل الشكل الجديد للمدونة

تسلم يا عمر
ربنا يخليك


...