الأحد، 31 أكتوبر 2010

الرجل رقم 17




.

.

أحاول الإجابة على الأسئلة التي ليس لها إجابة،
أو الأسئلة التي لم أجرؤ على قولها
للولد الذي قال لي : أحبُّكِ
لم أعرف ماذا يقصدُ بالحب ؟
لقد كان عنيفاً ومتألماً ومجروحاً ،
فلم أستطع أن أقول له : كيف تحبني وكيف تراني ؟

أتَّهمُ نفسي بالأنانية لأنني لا أحبُّه ومع ذلك أرغب في ارتشاف محبَّته
لم أسأله كي لا يتصورَ أنَّ هناك فرصةً ما لازالت تتأرجحُ بيننا ،
لاأرغب بتوريط نفسي أو بخداع الآخرين .

سأضع نفسي مكانه – أنا في مكانه دائماً –
وأكتبُ لكَ عن الطريقة التي أراكَ / أحبُّك بها

مع ذلك أدرك جيداً مدى اختلافك عني وأعرف أنك لا تهتم لمعرفة ذلك
الهذف المُعلن هو إطلاق الكلمات المحبوسة التي تعذبني ،
والهدف الخفىُّ هو تذوق حلاوتك للمرة الأخيرة .... أكتبُك لأستعيدك


" لا ينتمي للقطيع "
هذا هو الصدى الأول لك حينما دخلتَ عالمي بصدفةٍ ما ،
رجلٌ لا يكترثُ للآخرين ويفعلُ ما يرغبُ بفعله فقط .


" لا ينتمي للقطيع ويكتفي بالمراقبة الصامتة للعالم "

بعد عددٍ من المرات بدأت أولي معاركنا / أحلى معاركنا معاً ،
لا أذكر سبب المعركة أو مادار بيننا في هذا الوقت ،
كل ما أذكره هو عدد الزوايا التي استعطت منها أن ألتقط صورةً قريبةً لكَ ،
وجهكَ يحتلُّ الكادر بالكامل .


" رجلٌ لا ينتمي للقطيع ويراقب العالم في صمتٍ ويمتلكُ أحلى أنفٍ رأيته في حياتي "

تشبه خالي – الذي كنتُ أحبه – في شىءٍ لا أعرفه ولم أستطع تحديده ،
ربَّما في الدفء ،
هل حكيتُ لك من قبل عن هالة الحنان التي تعلو رأسك بسنتيمترات قليلة .

" رجلٌ يراقب العالم في صمت وينتمي لنفسه فقط
يتمتع بجمالٍ فريدٍ وتعلو رأسه هالة من حنانٍ "


هنا توقفت عن معرفتك
لأنني رأيت نفسي غريبةً و سخيفةً بمرآة عينيك ،
لم تخصني بابتسامة دافئة أبداً ولم تصافحني بقوة ،
فوجدتُ نفسي مُبعدةً عن عالمك ، عالمُكَ الممتلىء بالأخريات .


" رجلٌ من حنان ودفء يراقب الآخرين في صمت ٍ ولا ينتمي إليهم ،
لا أستطيع تحريك عينىَّ بعيداً عنه ، ذلك الرجل المحبوب من نساءٍ لا يحبهنَّ "

أعطيك رقماً ما وأضع صورة لهذا الجمال داخل كشكولي وأذهبُ ،
لم أعد أراكَ أو أقابلك أو أعرفك ، لقد نسيتك داخل كشكولٍ مغلق .

ثم وجدتك مرَّةً أخرى أو وجدتني أنت ... لا أعرفُ ،
صرت موجوداً في حياتي مرةً أخرى .

رسمتُ لنفسي مسافةً ما لا يجب تجاوزها معك ، امتلكتُ وعيي بقوةٍ أمامكَ ،
صرتُ ألقِّنُ نفسي ما حدث من قبل وأسوأ ما يمكن أن يحدث في المستقبل

صرت أردد : أنتِ بعيدةٌ عن مداره ، فابقى بعيدة ،
إنه لم يرك في المرة السابقة ولن يراكِ الآن ، فابتعدي ،
ستقفين داخل صفٍ طويل من النساء المُحبَّات الغيرمحبوبات ، فابتعدي.


كلَّما التفتَّ لي لتكلمني أصرخُ لنفسي : احذري .. إنه لا يراكِ ...
أنتِ لا تنعكسين داخل عينيه ... اهربي
كان وجودك بمكانٍ ما يجعلني منهكةً ومتعبةً ،
مشدودة الأوتار وعدائية ،
كنت أدخل عدة معارك معي كي أتوقف عن مراقبة الرجل الذي يراقب الجميع .


" رجلٌ بهالة حنانٍ فوق رأسه غارقٌ في خصوصيته وجماله
محبوبٌ من الجميع ... ولا يراني "

في أحد الأيام قلتَ لي شيئاً لا أذكره ،
مجردُ تعليقٍ على حدثٍ صغير ،
لقد نطقتَ اسمي الصحيح ولاحت بشفتيك ابتسامةًٌ تخصُّني
لقد تخليتُ عن حذري
وانسقتُ إليك مثل مُسمارٍ صغير يذهب غصباً
نحو مغناطيسٍ قوى
إنَّ معرفتي عنك لم تتطور أبداً ،
أتعرَّف على ما أعرفه فقط ،
إلى أن مشيتَ خطوةً باتجاهي لسببٍ لا أعرفه ،
الوقتُ يمرُّ وأنا أندهشُ من كمِّ الأشياء التي تعرفُها عني
إلى أن صُدمتُ تماماً بمواجهة ذكائك الحاد .


" رجلٌ حاد الذكاء بجمالٍ لا يمكن رسم حدوده يغوص داخل الحنان ،
لا يراني، يهيمُ فوق الحب قليلاً ولا ينتمي لأحدٍ"


كان يجبُ أن أتوقف هنا وأجرى بعيداً ،
كان يجب أن أخاف وأنا أفكر في عدد الطرق التي سيتم تعذيبي بها في المستقبل

لكنني كنتُ قد خلعتُ حذري بأكمله معكَ

إنَّ مزيجاً من الذكاء والحنان يمكنه تحويلي إلى بللوراتٍ صغيرة من الكريستال الملون
وخليطاً من الحنان والذكاء والحنان
يمكنه أن يخبزلي شمساً لا تنطفىء ويحولُّني إلى أحلى (غادةٍ) مُمكنة.


لقد اقتربتُ منك بتعمدٍ كي أكون معك ...
أتناقش معك في أي شىء وأعيد اكتشاف المسافة بينا ،
أتأمل ملامحك وانفعالك وأدرك أنني بجوار رجلٍ لا يتعرَّفُ علىَّ


أستيقظُ في أحد الأيام لأجد نفسي واقفةٍ في صفٍ ما بيدي رقم ،
ضمن عددٍ من الجميلات اللاتي يرغبن في الدخول إليك

لا أستطيع منافستهنَّ في حبك ،
إنهنَّ أجمل مني وأكثر معرفةً بك وربما أكثر حباً لكَ
لا أستطيع منافستهنَّ ...
سأُهزَم بقوة.

لم يتبقَ لي اختياراتٌ كثيرة
لقد درتُ حول بابك مرتين قبل أن أطرق نافذتك

وحينما فتحت لي بابتسامة طيبة قلتُ لك : هل تريدُني
لم تُجب ،
فقط ابتسمتَ وكان هذا كافياً لأفهمَ


" لقد كان رجلاً جميلاً ومختلفاً ، دافئاً وقريباً .... لكنَّه لا يحبُّني "


.........

painted by :
elizabeth perry







....

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

take a look



.



يعتمد الإنسان على تجاربه السابقة اعتماداً كبيراً ،
إلى حدٍ يجعله يميل عادةً إلى أن يرى ما يتوقع أن يراه

مما يفوِّت عليه - غالباً – رؤية المعالم الواضحة التي تثير دهشته .

فعيوننا تلقي نظرة عاجلة وتنتقل من منطقة صغيرة إلى أخرى ،

ملتقطةً بضع عينات مما في مجال الرؤية

بينما تقوم عقولنا بملء الفراغ الذي بينهما من الذاكرة.


فبضع بقع قاتمة داخل إطار مألوف تعطينا صورةً كاملةً لقطٍ ،

وقد يكون قطاً معيناً لجارٍ يسكن في شارعنا.

ومن السهل أيضاً أن ندرك تصميم الزهور المرسومة على طبقٍ من الصيني ،

وأن نلمح من الأشعة المنعكسة ما يكفي للاستدلال على نظافة الطبق ،
وأن نحدد سعته – سواء أكان للشاي أو للأكل –
في حين تفوتنا في الوقت ذاته ملاحظة خدشٍ في حافته
حتى تنبِّه أصابعنا العقل إليه
وعندئذٍ تشاهد العين هذا العيب .



لوري مليني و مارجري مليني / الحواس في الإنسان والحيوان
ترجمة: د. ثابت قصبجي

المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر
بيروت
1966




painted by

Robina Smith




........


...

الأحد، 17 أكتوبر 2010

مقاومة النور والعتمة






"يدفعنا العالم الذي لا حيوية فيه ولا حس إلى الإسراع قدر المستطاع

والبحث في جميع الأماكن عن الخيط الذي يوصلنا مباشرةً
إلى ذلك الشىء الذي سيتوهج للأبد
إلا أن المعجزة التي نبحث عنها تستغرق وقتاً
وقتاً لنجدها ووقتاً لكي نعيدها إلى الحياة" *




لقد أحببتُ من قبل
مسَّنى الشغفُ والنور وأغرقتني النشوة
لقد عرفت كثيرين
ولم أعرف أحداً
يحوِّلُ مواسير الحديد إلى أرغفةٍ ساخنة


أيها الظلام الذي يستكينُ بجواري
لقد انتظرتك طويلاً
أيُّها الليل

كانوا يحوِّلونَ أنفسَهم إلى موسيقى
فكنتُ أتحوَّلُ إلى إسفنجة كي أمتصَّ الجمال
كنتُ أكثر فرحاً هناك
لقد رقصوا معي في النار وفي الخوف

أيُّها الظلام الذي يرسم دوائر صغيرة حولي
أيها السكون المشتعل
ما الذي أصابني لأطاردك ؟



ضعيفٌ أنا يا امرأتي القوية
قوىٌّ يا امرأتي الضعيفة
ضعيني بين أقواسٍ ولا تتركيني حراً بين السطور
ضعي نجمةًً فوق رأسي واكتبي في الهامش
كان حبيبي



لقد حذرتَني من منحِ قهوتي
لا تخف يا أبي
لا يرغبون بها

يا أمى
أنا أرتدي أحلى فساتيني
ولا أحد ينظر باتجاهي



قال : أنا أقرأُ أفكارك
قالت: أعرفُ ولا أكترثُ
ستضيِّعُني في كل الأحوال

قال : أنا أقرأ أفكارك
قالت: متى ستقرأ مشاعري ؟

قال : أنا أقرأ أفكارك
قالت : وأنا أراكَ


تكتبُ رسالةً إلى رجلٍ بعيد كي تفرحَ
تشعرُ بأجنحتها ترتفع وتحملها بعيداً
تطيرُ
لأنها تكتب ما تفكر به كاملاً دون حذف

الرجل يعاقبُها لأنَّها تحبُّه
يتألمُ تحت الجليد ولا يصرخُ أبداً
تصدقُ مشاعرها أكثرَ مما تصدقُ صمتَهُ

السماءُ تمتلىءُ بالورود
حبيباً آخر يرسل لها باقةًً من الفرح
تفكرُ بتجاوز كلَّ شىء والذهاب إلى السماء
تنتمي إلى السحاب أكثر

أيَّها الوضوح الشافي
لا تتركنى طويلاً بجوار بحرٍ مزيف
خذني إلى غابتي البعيدة
أو أعدني إلى بلاط حجرتي البارد
أيتُها الحقيقة التي لا يرغبُ بها أحدٌ
أنا أحبُّكِ


...

* كلاريسا بنكولا
نساء يركضن مع الذئاب




اللوحة
لأستاذي الفنان التشكيلي / عمر جهان




...





الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

الدنيا من الناحية التانية




.


.

ساعات بصدق إنه الطريقة اللي بفسر بيها الدنيا
هي مجرد خيال واسع بيساعدني اني اعيش أبسط
المهم اني أقول حاجة جديدة لنفسي

هتكلم عن الحب من طرف واحد
للمرة الأولى عندي الشجاعة اتكلم من الناحية التانية
ناحية المحبوبة اللي مش بتحب الطرف التاني

الغريب ان الوضع ده صعب هوة كمان ومتعب

متعب لحظة وجود المحب
في لحظة عدم وجوده مفيش حاجة مؤلمة
الحياة ماشية عادي
ومش حاسة إني بعذب حد معايا مع انه متعذب
ومش حاسة إنه فيه حد مستنيني مع انه مستنيني

واحد صاحبي محبوب بطريقة مش طبيعية
ودايماً بيبقى مش بيحب الطرف التاني
مرة قالي: أحسن طريقة للتعامل مع الحكاية دي التجاهل
صحيح قاسي بس رحيم
مش عارفة ليه مش قادرة أحس ان التجاهل رحيم
بأي شكل من الأشكال

عشت وقت طويل أتجاهل مشاعر الناس
وأتجاهل مشاعري
وصلت لحالة من التجمد الشديد
احتجت بعدها نار مرعبه علشان أرجع في الحالة الطبيعية
وأكسر صندوق التلج اللي عشت جواه سنين

مبسوطة طبعاً انه فيه حد بيحبني
وحاسة بالزهو شوية ومش خايفة عليه خالص
حاسة انه محتاج وجع زي ده وألم علشان يكبر
يستوي .. علشان يعرف هو مين
بفتكر فيلم "رسايل البحر"
لما بسمة كانت بتقول: يحيى محتاج يتألم علشان يكبر
بس بسمة كانت بتحب يحيي وانا مش بحب يحيي
ع الأقل مش بحبه بالطريقة اللي هوة عايزني أحبه بيها

- انت بتحبني
- بتسألي ليه
- علشان حاسة بكدة
أصل الحب ده بتاع ربنا ومش بإيد حد
ومحدش بيختار يحب مين
- انتي بتحبيني
- .......................
- طب ما تديني فرصة
قربي منى ...اعرفيني
- حاولت والله بس الموضوع محسوم
يمكن يكون الغلط عندي ومشاعري هي اللي صعب تتحرك

- انتَ تستاهل أحلى بنت في الدنيا
- ماهو انتي أحلى بنت في الدنيا
- وبعدين معاك
متضيعش عمرك تستناني
استحمل مشاعرك واصبر عليها شوية
وقريب أوي هتقابل الجميلة اللي تستاهلك
أنا متأكدة


مش سهل أبداً اننا نواجه مشاعرنا
بس الحقيقة عمرها ما بتجرح
الحقيقة بتشفى وبس



..........

الجمعة، 1 أكتوبر 2010

يوميات كنكة وحيدة





.


من أقوى أفعال الحب التي أخصُّ بها ذاتي إتقان عمل قهوتي اليومية،
أنتظرها كي تنضج دون أن أغضب عليها، وأوسع دائرة النيران حولها،
أنتظرها وحدها ولا أنشغل بشىءٍ آخرٍ،
وأتركها تفورُ وتسكبُ جمالها دون طائلٍ.


منذ فترةٍ قررتُ مراقبةَ قهوتي وهي تتكثف كي أكتشفها أكثر
سأسجل ما رأيته لمدة عشرة أيام،
بعد مرور هذا الوقت توقفتُ عن رؤية أي شىء داخل قهوتي،
أصبح قلبي مغلقاً وأظلمت روحي لأسبابٍ كثيرة
..............



الأثنين

الباب يظهرُ واضحاً
يتحولُ إلى شجرةٍ
الشجرةُ تتحول إلى موجة بحرٍ عالية
النور يسقط إلى أسفل ويعلو الظلام من الجانبين


الثلاثاء

عينٌ تتحول إلى سحابة
السحابة تتحول إلى جبلٍ
الجبل يتحول إلى بركان
البركان يتحول إلى طريق


الأربعاء

دائرةٌ يقسمها خطٌ من المنتصف
الظلامُ يكبر ... يكبر
النصف المضىء يتضاءل
يتحول إلى شاطىء رملىٍّ صغير
الظلام يتحول إلى أفق وبحرٍ وسماء


الخميس

عينٌ زجاجية مجسمة تصمدُ أمام الظلام اللانهائي


الجمعة

شاطىءٌ يتحول إلى موجة بحر
الموجة تتحول إلى طريق حلزوني ضيق


السبت
الظلام يصارع النور
الظلام يحوِّلُ النور إلى خيط خفيف
النور يصنع خطاً دائرياً حول الظلام
قبل أن يدخل عليه مُكَوِّناً شكل قلبٍ كبير

قلبٌ بنىٌ غامق يظهر بقهوتي اليوم
اللهم املأه بالمحبة
آمين


الأحد

نقطةٌ مظلمةٌ بقلب الضوء
الضوء يتحول إلى شجرة يحيطها الظلام
الشجرة تصمد في الظلام
قلب الشجرة نقطة ظلامٍ قديمة
الشجرة تتحول إلى طريقٍ يشق الظلام


الإثنين

الظلام والنور يتعادلان
الظلام يصارعُ بقوة
النور يتحول إلى عينٍ شفافة الأطراف
العين تتحول إلى حشرة تقف على أطرافٍ رفيعة
الحشرة تتحول إلى حاجب
الحاجب يصبح موجة
الموجه يلتهمها الظلام
ويرتفع إلى اعلى
كي يفور


الثلاثاء

أخدعُ ظلام وجهها الأبدىّ
أقلِّبها جيداً قبل النضج فيسطع النور
في المعركة النهائية تنزاح دائرة النور
تنبعج قبل أن تنهزم في الفوران الأخير للعتمة


الأربعاء

عينٌ كبيرةٌ بتفاصيلٍ ضبابية
العين تتحول إلى رأس خنزير صغير
يطلّ من الجانب على ظلامٍ كثيف

رأس الخنزير تتحول إلى فيل يظهر خرطومه فقط
الفيل يتماهى في الظلام
الظلام يفور

....



.


ُ