السبت، 28 يونيو 2008

مكَسَّحة




لا أعرف لماذا أكتب أشياء لم أستطع حكيها أبداً ،
وكيف أحكي من مسافةٍ بعيدة وعبر ذاكرة باهتة عن أشياء قديمة

منذ أن كنت في السابعة من عمري ومنذ أن تعلمت المشي وأنا دائماً أقع ،
أفلتُ اليد التي تمسكني وأتهاوي ، أمي كانت تضربني بشدة وتعنفني امام الآخرين
ولم يكن الأمر ليتغير ، كانت تقول أنني لا أركز في المشي ولذلك أقع دائماً
وأنني يجب أن أنتبه للأرض أكثر لألحظ جميع الحفر وكل الطوب الملقى

صارت عيناي مشدودتين إلى الأرض بمسامير ،
ولم أعد أفكر بشيء سوى بالطريق وبالمسافة وبالألم الذي كان يصاحبني في المشي
ولم أجروء على إخبار أحدٍ عنه
بعدها صارت أمي تدعوني بـ ( المكسحة ) لأنني دائماً أقع

وكطفلة تملك حساسية شديدة كنت أبكي طويلاً بمفردي
وأحلم بقدمي تُبتران في حادثة أو تتوقفان فجأةً عن المشي
كنت أحلم بكرسي متحرك يحملني وبعجزٍ شديد سأعاني منه
وينبغي أن أستعد له ( منذ ذلك الوقت وأنا أصدق أحلامي )

صرت أري كل الحلقات التليفزيونية عن الأشخاص المعاقين
الذين واجهوا الأمر بشجاعة وصنعوا أشياء خاصةً بهم
وأصبحت صورتي عن نفسي مرتبطةً بالعجز ، وبعدم القدرة على التحرك بمفردي
ولم تتوقف أمي عن معايرتي بعجزي
بل وشجعت إخوتي على السخرية مني فصرت ( المكسحة )

بعدها بسنوات طويلة قال لي دكتور العلاج الطبيعي أن لدي flat foot
وأنه من الشائع أنه يحتاج حذاءً خاصاً لا يكون عالياً
كي يمكنني من الحركة ببساطة
قال أنني طبيعيةٌ جداً وأنها حالة عادية وأن الأمر يحدث لكثيرين

هل كان صعباً ان تأخذ الأم ابنتها لطبيب ،
ولماذا كان يجب دائماً لطفلة صغيرة أن تدفع ثمن أشياءٍ لا تدركها

الزمن يمر وصورة الكرسي المتحرك وأنا فوقه وأحدهم يحركني بصعوبة ونفاد صبر تتواري
ولكنه يقفز إلى ذهني كلما هاجمتني المخاوف
وكلما حاسبت نفسي على أشياءٍ لايمكن أن أكون مسئولةً عنها ،



..................

7 التعليقات:

3D يقول...

nice blog

د.محمد ربيع هاشم يقول...

كلنا متشابهون والألم يجمعنا ، لكن من منا يستطيع نحدي الألم ، والأكثر من منا يستطيع أن يقهره ويهزمه؟

غير معرف يقول...

هنالك دائما نورُ
لنجــم
يرفع الظلمات عنّـا وهـو
مستـــورُ
* * *
هنالك دائما قوّه
تُـرافقنــــا
وتُـدركُنــاو نحن على فم الهــوّه
* * *
هنالك دائمـا حــبٌّ
يُفـاجئنــا
بدفءٍ غيــر منتظــرٍ
إذا مـا أفقر القلــبُ
* * *
هنالك دائما نسمــه
تهـبُّ علــى جــروح الروح
حتـى تنجلـي الغـمـه
* * *
ونـحـن نعيــشُ
مـا ينفــكُّ يحـرسُنـا
ويلمسُنــا بلطـفٍ غامـضٍ
مــا ليـس مـرئياً
وإلا ..ما الذي يٌبقي الفتـى حيّا؟

(قصيدة نور للشاعر اللبناني
حسن عبدالله )
مع تحياتي ...فاطمه

غير معرف يقول...

أن نواجه مخاوفنا هو أن نحس بأننا في مركب ورق نصارع أمواج بحر .. ولكننا في واقع الأمر قد نكون في نهاية الأمر .. نائمين على أرض غرفتنا الباردة .. أمواج البحر هي جحافل النمل التي تأكلنا فلا ندري .. ومركبنا الورقي ليس إلا لحظات نعاس وكسل وخوف .

غير معرف يقول...

على فكرة :
وصلني المعلوم .. ولازلت عند وعدي ..
أحتاج بعض الوقت

كريم الصياد يقول...

يومًا ما سيكبر هذا الطفل ويصير عذابًا وجحيمًا،
هذا جنينٌ عبقريّ!

"ما معنى الألم؟ إن كل شيء يتوقف على إجابة هذا السؤال، إن للوجود معنًى بقدر ما للألم من معنى في الوجود"-نيتشه: ما وراء الخير والشرّ.

ست الحسن يقول...

music lovers

thank you

.....................

د.محمد ربيع هاشم

الألم لا يمكن قهره فقط يمكننا تعلم احتماله والتعايش معه ومحاولة اكتشاف جوانبه المضيئه

.................

فاطمة

جاءت رسالتك في وقتها تماماً كطبطبة حقيقية تحطُّ بخفةٍ على الروح

شكراً لوجودك الجميل

............

أحمد

أن نواجه مخاوفنا هو أن نصر كل يوم على كوننا أنفسنا

............

كريم الصياد

يمكن لكلمتين صغيرتين أن تلخصا معنى الألم
ذلك الذي ننفق أعمارنا في اكتشافه وفي محاولة فهمه وتقبله