الثلاثاء، 1 يوليو 2008

لُعْبَة التَّخَفِي




سئمتُ من هذه اللعبة التي استهلكتني
لماذا أتَخفَّى وأُراقبُ الآخرين من وراء حجاب.... لماذا؟

أرى تجربةً كاملةً وخاصةً من الوجع بداخلكَ ،
أراها حينما أقرأُ كتاباتك وحينما ترتدُّ إلىَّ صورتي فارغةً من عينيك
لماذا أتماسُّ مع الألم ؟
أتعاطف مع تجربة الآخرين للوجع المستمر غير القابل للتوقف أو الانتهاء
أتماسُّ مع الوحدة العميقة التي تطلُّ علىَّ كلما رأيتك

أتعاطف مع تجربتك الحيَّة
لأنني أمتلك تجربةً واسعةً مع الألم .. مع الفقد .. مع الوحدة النافذة في العظم

أعرف وأرى صفحة ألمكَ َبنصِّها الحقيقي المكتوب بملامحك ،
نصُّ الألم الذي أفكُّ شفرته يجتاحني
يوقظ أمومةً مكبوتةً بدمي ...
أودُّ لو أمنحُك سكينةً ( ربما لا أمتلكها ) ،
أودُّ لو أسحبُكّ إلى أرضٍ مزروعةٍ بالأمان ( هذه أيضاً لا أعرف مكانها )
أودُّ لو أساعدكَ لو أشاركك في ألمك وفي تجربتك
..............................

يمكنُنا أن نتبادل خبراتٍ حيّةً عن قدرة الوجع على استحضار الروح
عن طريقته المعقدة في صهر الشوائب لتصفية الممرات أمام بصيرةٍ نافذة

كان يمكننا كشفَ دماءٍ متجمدة لجرح ٍ لم يتم الاقتراب منه أبداً
بإمكاني أن أغسل جرحك بدموعٍ شافيةٍ ومحبَّة
بإمكانكَ أن تتصل مع الصرخات المدفونة بأعماقي ... أن تسمعها
أن تُهدأها بكلمتين حقيقيتين من قلبٍ يعرف ويشعر ويتعاطف

كلُّ هذه القصة النابتة برأسي كان من الممكن إخراجها على خشبة الواقع
لو سمحتُ لألمي بأن يُرى ... بأن يُحس
ولكنَّ الأقنعة المعتادة أتلفت شجاعتي


تعوَدتُ على ابتسامةٍ بلا معنى ، تعودتُ أن أسخر من كل شيء
أن أعامل ذاتي بخفةٍ وهزلٍ شديدين
تعودتُ أن أكونَ ( المهرجة ) في ساحة الآخرين

الضحكُ الصّاخب وافتعال جرأةٍ تُخَوّفُ الآخرين .....
يُكونونَ درعاً لا يمكن أن يخترقه أحد
أو أن يلاحظَ ما ورائه أو أن يصدق
أن امرأةً تتحركُ وتضحك بهذه الطريقة
هي امرأة وصلت إلينا عبر سباحةٍ ( لا تتقنها أبداً ) في بحرٍ من وجع
بحر الوجع يظهر ويختفي
وأنتِ تتلقين الألم كهبةٍ أبدية ستتضح فائدتها لاحقاً
حينما تكتشفين الكتابة


الأقنعة جعلتكِ منفيَّة ووحيدة
تودين لو أنَّك بلا أقنعة
لو أن ألمك يُرى لكان الولد رآك
لكان أحبَّ أن يجلس معك وأن يحكي لك - بقلبٍ مفتوح - عنه / عنكِ

بلا أقنعةٍ ستكونين غير مُحتملة وكئيبة و غلالة دمعٍ تلمع بعينيك كل الوقت
لن يرغب أحدٌ في صُحبتكِ
سيتركونك بمفردك لأنهم جميعاً مُثقلون بالألم
وبينهم اتفاقٌ غير مُعلن على تحدِّي الواقع واصطناع الفرح
للهرب من الكآبة الثقيلة
الكآبة التي تخيم على وطنٍ بأكمله ،



.........................

0 التعليقات: