.
منذ شهر علمت بإصابة
صديقتى "كازابلانكا" بأزمة قلبية وانهيار عصبي .. أمر مؤسف يا زينب ،
صديقتى ملهمة للغاية ، تنشر الفراشات أينما ذهبت ، مقاتلة .. اتفقنا أن نلتقي حال
عودتها من المستشفى، وانتظرنا.
اتفقت القوى الثورية
والسياسية على إقامة احتفالٍ كبير بشارع محمد محمود ، احتفالاً بذكرى محمد محمود
يا زينب .
سألنى صديقى "
أنتو ناويين على إيه؟"
أخبرته بأننا لن نحتفل،
لن نحتفل بأعظم أيام
الثوارعن طريق الحضور ومشاهدة الفيديوهات والبكاء والمرور بين المقاهي ومن ثمَّ
العودة مكبوتين لبيوتنا ،
إنها ذكرى عين حرارة يا
زينب ، عين مالك ، قتل شهاب ، إنها ذكرى الغرباء يا زينب ، من ضحو ورحلو في صمت ،
أيات ثورتنا هنا كتبناها ،
كرر صديقى "
ناويين على إيه ؟ "
لم أستطع إجابته ، لا
أعلم ماذا سنفعل يا زينب لكننا لن نرضَ ، لم ننسَ .. لن نغفر.
فى إحدى سهراتنا الخاصة
، بعدما تملكت منَّا زهرة الخشخاش، سألت أحد أصدقاءنا " إنت إيه اللى بيجيبك
تسهر معانا كل يوم ؟ " ..
فأجاب في صدق فطري
" أنا باجى عشان أسهر وأنبسط وأشرب الحشيش اللى بيهدينى "
ضج الحضور بالضحك يا
زينب، كانت الإجابة حقيقية ،
نحن هنا بحثًا عن
السعادة سواء كانت حقيقية أم لا،
أصبحت جملة " الحشيش
اللى بيهدينى" إفيه نصنع منه إفيهاتنا حسب المواقف.
فإذا شعر أحدهم بالجوع
قال " أنا عايز الأكل اللي بيهدينى" ،
وإذا توقفت طرقات
العاصمة واكتظت بالسيارات وفشل عسكرى المرور البائس فى حل الأزمة ، هتف أحدنا
" أنا عايز النفق اللي بيهدينى "
وهكذا فى كل شيء نبتذل
الإفيه حتى النحول.
صفحة خالد سعيد تنشر
بيانًا هو عارعلى الثورة وعلى مجاذيبها ، نص البيان أن من افتعل الاشتباكات مجموعة
من الصبية، إن أزمتنا ليست مع أوغاد الداخلية، علينا الرحيل من الشارع تجنبًا
للدماء.
بيان إصلاحي فاشل يا
زينب، أى دماء نتجنبها وقد سقط "جيكا" ؟
أى صبية يفتعلون وكل
المقاتلين على خطوط المعركة ؟
نحن من فعلناها يا
زينب، ونحن من سنكررها.
أزمتنا مع أداة السلطة
القمعية، نحن لا نفتعل، من يفتعل ومن يقمع هو الذى انتهج الإستبداد قبل الثورة
وأكد عليه بعدها.
قامت الثورة فى الخامس
والعشرين من يناير "عيد الشرطة"،
لم يكن النزول الأول، اعتدنا
النزول فى مثل هذا اليوم للشوارع تعبيراً عن رفضنا لقمع الشرطة والتعذيب ..
إن دعاة السلمية لم
تنضب جرأتهم على مقاتلى الثورة، مازال الثوار والفقراء يقاتلون أداة السلطة
القمعية، هذا القتال يضرب وبقوة فى رأس السلطة.
لم تقم ثورة الجياع
بعد، إنهم لا يدافعون عن الثورة يا زينب، يدافعون عن وجودهم المرتبط بشباب
ينايرالطاهر، عن أى شباب طاهر يتحدثون ؟
فى اليوم الثالث
للمواجهات فى شارع سيمون بوليفار ، يُذكر للثورة أنها عرفتنى بهذا الشارع ، الغاز
يخيم على خط النار، اتضح لنا فى تلك الموجة بأن الأوغاد لم يصدر لهم أوامر الإبادة
التى صدرت لهم فى محمد محمود الأولى.
الغاز هو السلاح الأكثر
استخداما منهم،
الخرطوش مختلف تلك
المرة، البلية أكبر حجماً كالتى كنا نلعب بها فى الشوارع، أقل عدداً أكثر سوءً ،
نستعد لرد إحدى الهجمات على الأوغاد ، بعض الشباب يدخلون بالحجارة حتى تختلط
الرؤية على الأوغاد ثم ندخل نحن بما ملكت أيدينا لنرد لهم الصاع صاعين ، الكر
والفر له معنى هنا ،
الغاز أسوأ الأسلحة
التى أواجهها يا زينب ، الاختناق شيء صعب وغير جدير بالموت ، يقذفنا الوغد بإحدى
القنابل، فترتطم بالأرض ثم ترد فى رجل صديقى، فتبطىء حركته، أهتف به ليجرى أسرع ،
الأوغاد يقتربون وقد نفذنا هجمتنا، هذا وقت الفر حتى نشحن طاقتنا وأيدينا لنعود
إليهم مجددًا.
أهتف به " اجرى يا
بكر ، اجرى يا بكر " ،
أمسك بيده ليجرى معى،
نختلط بالجميع، يتوه منى،
أصرخ باسمه .... لا أحد
يرد.
أعود لخط النار مجددًا
،
أبحث عنه بالقرب من
الأوغاد .. لا أجد أثرًا له .
لو خُطف سيكون يومًا
أسود على الأوغاد،
تلك أول معركة نشترك فيها
سوياً ،
أعود لأبحث خلف سيارات
الإسعاف ، لا أجد شيئًا ،
بجانب الرصيف أسمع دوى
ضحكة أعرفها جيداً، ضحكة من القلب لشخص يفعل كل شئ من قلبه ، أسير خلفها لأجده
نائمًا على الأرض ضاحكًا بشدة ، أستغربه وأعنفه لقلقى عليه، يستميحنى عذرًا أن
أستمع له ، فأستبينه ،
يخبرنى أننى عندما
إقترب الأوغاد وبطأت حركته ،
هتفت فيه صارخاً:"
اجري يا بكر .. أسرع يا بكر .. اجري يا بكر ، اجري الجري اللى بيهدينى "
لنسقط ضاحكين على الإفيه،
يغطى صوتنا على قنابل الغاز وقذائف الخرطوش ..
الضحك يغطي كل شئ يا
زينب
قطنت ببيت أحد أصدقائى
فى شارع القصر العينى في فترة معارك محمد محمود ، لأكون قريبًا من المواجهات أكثر،
معارك يوم الخميس كانت قوية ومرهقة ، عدت للبيت لأخذ قسطًا من الراحة وقليلًا من
الطعام والمزيكا لأعود مجددًا ..
الصداع ينتهك رأسى يا
زينب على غير العادة ،
لا شئ يهديء منه فى هذا
البيت ، حتى الصيدلية مغلقة فى هذا التوقيت ، فالفجر اقترب ، ماذا أفعل يا زينب ؟
لن أستطيع النوم بهذا
المفترس ،
أتخذ القرار
" أنا عايز الغاز
اللى بيهدينى "
الغاز يهديء الأعصاب
بعدما تعتادينه يا زينب ،
النزول إلى معارك محمد
محمود هو الحل ، حتى تهدأ رأسى فأستطيع النوم ،
أمرُّ بالشارع فى طريقى
إلى الميدان لأشاهد بعض الدراجات البخارية تتلقى أوامرها من أوغاد الداخلية عند
مجلس الوزراء.
مهمة مخولة لهم
سيفعلونها بالميدان .. لا أكترث ،
رأسى تُنتهك ،
أصل إلى شارع محمد
محمود ،
مازالت المعارك قائمة ،
الكثير خارج الشارع ، القليل بداخله ، أذهب للأمام ، إلى خط النار ، أجد أصدقائي
فأحييهم ويستغرب أحدهم لعودتى سريعًا
أخبره بأزمتى فيخبرني
بأنه يشاركنى نفس الأزمة.
أوغاد الداخلية أغبياء
يا زينب ، لكنَّ هذا الوغد تحديداً الذى يستقل سور إحدى المدارس أكثرهم غباءً.
لم أحمل حجرًا واحدًا ،
أنا هنا لترتاح رأسى.
يلقى الوغد بأحد قنابل
الغاز يهرب من خارج الشارع ويستمر من بداخله فى القتال ،
إحدى الفتيات تشعل
زجاجة المولوتوف وتذهب تحت الوغد فتلقيها عليه ليحترق ،
ألم أخبرك بغباءه يا
زينب ؟
أبتسم للفتاة وأحييها
وسط الغاز ، كانت ضربه موفقة ، وكانت قنبلة موفقة ، تهدأ رأسى قليلاً .. تلك
الفتاة عظيمة ، هى هنا حتى تلك الساعة رغم الأخبار المنتشرة عن حوادث "الاغتصاب"
والتحرش التى حدثت وبقوة فى شارع محمد محمود أمام مرأى ومسمع من الناس.
على خط النار أيضًا من
يُنظّر يا زينب، أحدهم يتناقش في جدوى المعركة ، وأحدهم يسأل عن الدافع إلى الفتك
بالأوغاد ، ألحظ صمت الثوار أمامهم ، ويستمر التصميم منهم على الأسئلة فأخبره بأن
لا شئ يسمى جدوى المعركة ، لاشئ يسمى "ما السبب فى عراكنا مع الداخلية؟"
،
إن تلك الأشياء بالحب
يا زينب، لا قصاص لا عدالة، لا ثأر ولا مطالبة، المعركة هى من تُبقي الشغب ،
والشغب يبقى المغامرة ، والمغامرة تبقينا .. ونحن نبقي الثورة .. تلك أبجديات يا
زينب .
تُقذف قنبلة أخرى فتكتفي
رأسي بما نالته ، ألحظ بأن استمرارى وسط مشاحنات ونقاشات سيفتك برأسي مجددًا ،
أقرر الرحيل .. لا مال معى ، لن أستطيع أن آخذ "تاكسى" حتى البيت ، ماذا
سأفعل يا زينب؟ .. لا قرار ، سأعود من حيث أتيت من شارع القصر العينى ..
نعم وسط الأوغاد .
الغاز ترك أثره على
شعرى وملابسى ، أذهب إليهم ، ينظرون بشدة محدقين، من هذا المخبول الذى يتقدم من
الميدان إليهم ، هل سيفجر نفسه .. أستمع إلى خوفهم يا زينب ، قيادتهم تحدق قبل أن
يصرخ أحدهم تاركاً هاتفه اللاسلكى: " إنت معانا ولا معاهم ؟ "
فأخذ نفسًا آخر من سيجارتى
وأكمل سيرى لأرد عليه: " أنا اللى أدام الكردون"
ليصمت دقيقة لأتدبر
فيها إجابتى ، إنها إجابة عظيمة يا زينب ، لو كتبت هذا المشهد لن يخرج بتلك الصورة
القوية ، أنا أمام الكردون وسأظل أمامه وسأعبر من بينهم دون أن يتجرأ وغد منهم على
إيذائي ..
لا ليست شجاعة بقدر ما هو تعب يا زينب ، لن أستطيع
أن أتخذ شوارع أخرى الجيش يقيم الأسلاك الشائكة على ناصية شارعى.
الجيش أثبت للجميع بأنه
مؤسسة فاسدة ، قيادات بائسة ، لا تريد الإ حماية مصالحها المالية ، لا شرف عسكرى
ولا نوط واجب ولا أى شيء من تلك الكلاشيهات، أمرُّ قبل أن يدق وغد منهم على
الأسلاك لأعبر إلى شارعي.
الشارع هاديء والجميع
نيام .. الكراون يزاحم دوي إطلاق قنابل الغاز، جابر حارس العقار نائم أيضًا يا
زينب ، أصعد بالمصعد لأعبر إلى البيت ، أخلع ملابسى وأمسك هاتفى لأعبر
لـ"تويتر" لأخبر أصدقائى بما حدث مع الأوغاد ومقولة الكردون .. أكتب
الموقف وأنام ، أفزع على ضجيج ، باب المنزل قارب السقوط من قوة الأيادي التى تطرقه
.
ما هذا ؟
هل شاهدو
"تويتاتى" وسيقبضون عليَّ ؟
الأن ، أريد أن أخذ قسطًا
من الراحة أولاً ،
مازالتُ بالبوكسر .. لن
يُقبض عليَّ بهذا البوكسر ..
البوكسر
"بينك" يا زينب ، أذهب إلى هذا الضجيج ، أنظر من العدسة السحرية، فلا
أجد شيئًا والضجيج مستمر .
أهتف: " مين ؟
"
فيرد: " ينفع كدة
يا بحار ؟ مقفلتش باب الأسانسير ليه ؟ ينفع أطلع 6 أدوار على رجلي ؟ "
تبًّا لك يا جابر ،
أسبه، يأمرنى بفتح الباب ، هل سيسلمنى لهم ؟
أخبره بأننى لن أفتحه،
ويهمهم بهمهمات معتادة تجاهى لتجاهله ويؤنبنى.
جابر لا يدرك خطورة
الموقف، لون البوكسر أزمة كبيرة يا زينب.
لم أشترك فى مسيرة منذ
جمعة تصحيح المسار، منذ 9 سبتمبر 2011 ، تلك الجمعة المشئومة ، التى سقط فيها كل
شئ ،
لا داعى للشرح .. أوفر
مجهودى لأشياء أخرى، أتعجب دائما ممن ينزلون عندما تهتف لهم المسيرات تطالبهم
بالنزول، لو كنت مكانهم لما نزلت ، شاركت فى مسيرة رابعة العدوية إلى الإتحادية،
لا أعلم السبب، القصر
محاصر ولم يحدثنى أحد عن إمكانية قيام معركة،
كما أن معركة الدستور
لا تهمنى يا زينب ...نعم لا تهمنى
فإذا كنت أحاول طرد
أحدهم من شقتى وأطرق الباب بعنف ، وأخبرنى هو برغبته بأن تكون أرضية المطبخ
بالسيراميك وأرضية غرفة المعيشة بالباركيه إن أجبته برأيى فأنا إنشغلت عن معركتى وهى
طرده بالأساس ، يجب أن أركز فى كسر الباب عليه ومن ثم إعادة تشكيل المنزل حسب
رغبتى.
شاركت فى المسيرة ،
الثوار الجدد جنبًا إلى جنبنا ، الأداءات صبيانية ولا تُحتمل يا زينب.
عندما هتف أحدهم
"بيع بيع بيع الثورة يا بديع" ، أمسك أحدهم بيد زوجته والسعادة تملأ
وجهه كأنه أهداها خاتمًا ذهبيًا في عيد زواجهم ،
وقال لها: " تعالي
تعالي الهتاف ده أنا بحبه أوي "
واتجه بها سريعا إلى مقدمة
المسيرة ، كأنه يدعوها إلى سهرة على العشاء يا زينب.
لا أزمة، الأزمة عندما
وصلنا إلى القصر، و وجدنا الحشود أمام الكردون ، حدثنى صديقى مرصفاوى عن إمكانية اقتحام
الكردون، أجبته بالموافقة ،
ذهبنا إلى الأمام
مخبرين الناس: "إحنا هندخل ، عندنا إجتماع جوه "
فقط ليفسحو لنا الطريق.
عندما وصلنا إلى الكردون
كان بعض الثوار الجدد يقيمون متاريس بشريه أمام الأوغاد لحمايتهم ، طالبتهم
بالإبتعاد لنتمكن من الدخول.
أخبرونا بأن الأوغاد
"غلابة" ، فسبتهم وقلت لهم بأنهم من قتلو إخواتنا وعرو بناتنا ، فانقلبت
المتاريس عليهم وكأنهم فوجئو بالحقائق التى تخونهم ، دفعت الوغد وهددته بأن يفسح
لى الطريق وإما الفتك به ، دفعته ، وتراجع ، دفعته وتراجع ، حتى تقدمت الجموع وفر
الأوغاد.
مشاهد الهروب هى أجمل
مشاهد الثورة ، بل أجمل مشاهد حياتي على الإطلاق يا زينب .
الوغد يهرب ، السلطة
تهرب من أمام الجماهير ، الشارع ينتصر ..
تقدمنا إلى الأمام
وقمنا بفتح الكردون الأخر الذى يمنع المسيرات الأخرى من الدخول.
دوي قنابل الغاز يفاجيء
الثوار الجدد فيسألنى أحدهم: " ما احنا محترمين ، هو إحنا عملنالهم حاجة ؟
بيضربونا ليه ؟ "
بؤساء يا زينب ،
كنت قد قررت بألا أشترك
فى تلك المواجهات العبثية ، كانت حلاوة روح للأوغاد للدفاع عن صورتهم أمام رأس
السلطة لا أكثر ، أقف بعيداً عن الغاز، وأمامى ولد وبنت على مظهرهم ووجوههم علامات
الثوار الجدد ، تختنق البنت وتبدأ فى السقوط على الرغم من بعدها التام عن الغاز،
يمسك صديقها يدها ويحمسها للركض " تعالي .. تعالي ، قويدر هنا ، قويدر هنا
" ..
قويدر يا زينب ونحن لم
نجد مياه متسخة فى الميدان لإنقاذنا .. الثورة تصل مصر الجديدة ، أمر مبهج رغم كل
شيء ، الثوار يتقدمون فى الميرغنى والأوغاد يتراجعون فى الكوربة ، ولنلتقط الأنفاس
نذهب إلى جروبى والإمفتريون .. ياله من شيء عظيم .. لا مكان لفلفلة وتوم آند بصل
هنا .
الثوار الجدد يحبون يا
زينب، مازالو يقدسون العسكر ويلتقطون الصور معهم كان الرد حتمي بالفتك بالأوغاد فى
حضورهم، ليعلمو مبادءنا ، لن نتعاون مع فلول أو عسكر يا زينب ،
فثورتنا ضد من خان ومن
باع ومن صمت .
للثورة تراتيل فليرتلها
من أرادها بحق ، فتكنا بالأوغاد قبل أن نرحل حتى لا نترك الإعتصام على ضلال.
علمت بأخبار حوادث
الإغتصاب التى حدثت فى الميدان ، لم أشاهدها ، كان الأمر بالنسبة لي مزعجًا بشدة ،
الداخلية تستخدم هذا الأسلوب من قبل الثورة يا زينب ، وهل نسينا نوال ؟
كنت أتمنى أن تحضر نوال
الثورة ، لم أستوعب ما حدث من اغتصاب سوى عندما نشر الصديق الصحفى محمد خير شهادة
لبنتين تعرضا للاغتصاب أمام الناس ، كانت شهادة قاسية ، لم أستوعب مدى صدمتها الإ
عندما هاتفتنى صديقتى "ي" تخبرنى بأنها من تعرضت للإغتصاب ، يالقسوة
الصدمة ،
الإغتصاب بشع وسلب لحق
المرء فى جسده بشكل حيوانى ، أؤيد إعدام كل مغتصب ، أرغب بقتل كل من اغتصب صديقتى
، تحكى لي تفاصيل الحدث وكيف أن المغتصبون اغتصبوها فى محمد محمود
وصولاً لعابدين لمدة
ساعة ... لمدة ساعة يا زينب ، جردوها من ملابسها ، وانتهكو كل جسدها ، المغتصبون
كانو حوالى 30 فرد ، وحولهم 50 يتشاجرون معهم لمشاركتهم الاغتصاب وحولهم 200 فرد
يشاهدون بسعادة ويقومون بالتقاط الصور ومقاطع الفيديو لها ، أحدهم أراد أن يقبلها
فى فمها فقطعت له لسانه ، وأصابت إثنين أخرين ، صديقتى قاومت حتي اللحظة الأخيرة ،
وإكتشفت قوتها الروحية التى لم تكن تعلمها يا زينب.
اغتصبوها بعنف منظم ،
كل من تدخل ليحيمها أصيب بأسلحتهم ، فى المجارى ، فى المجارى كان الاغتصاب يا زينب
، هل هناك أقسى من جملة على طالباب فى أغنيته "عن مضاجعة الواقع"
ما هو معبر أكثر من
جملة " والواقع بيضاجع مجارى المدينة" ؟ ..
اغتصبوها لمدة ساعة وأرادو الذهاب بها إلى عابدين
لولا تدخل سيدة لحمايتها وقامت مشاجرة كبيرة بين أهالى تلك السيدة والمغتصبون ..
مشاعر الأسف والحزن لا
محل لها هنا ، صديقتى أعطتنى ما لم يعطه أحد لي أعطتنى الأمل ، صديقتى تحررت من كل
مشاكلها مع جسدها ، هو ملك لها لذلك فهو اغتُصب ، جرم الفعل فى أنهم سلبوها ما
تملكه ، لو كان مباح لما انتهكوه ، صديقتى تطهرت من جنسية الزومبيز ، صديقتى الآن
حرة ، تحب الأشياء بتطرف ، وتكرهها بتطرف ، صديقتى الأن متحررة من كل أمراض
المجتمع ، فالأخير لن يفعل بها أقسى مما فعله ، الآن هى تستطيع اعتبار نفسها
إنسانة لا مواطنة مريضة فى هذا المجتمع المريض .
إن كان الشهداء يحررون
الأوطان ، فهم يحرروننا نحن أيضاً من الحسابات لأفعالنا ومن التوازنات ، يجعلوننا
نقاتل بلا خوف ، نحن لدينا ما يدفعنا للمرابضة ، لدينا دماء ، صديقتى أيضاً تحررت
فى معركتها مع الحياة ، فقد انتهك جسدها الجميع فى المجارى .. ما أقسى من ذلك ؟
إذن فهى تستطيع الآن
محاربة كل أعداءها والتصالح مع نفسها ، صديقتى تنام الآن نومًا هادئًا وطويلًا عكس
ما كانت عليه قبل الواقعة ،
بالطبع مازال للحادثة
أثار سلبية هى تشعر بها وتعرفها ومخاوف ، لكنها باتت حرة فى حبها للحياة أكثر، الآن
صديقتى إنسانة تحب وتكره بلا تحفظ وتمارس حريتها دون مراجعة مع النفس.
...
أحمد البحار
painted by: Charles Grogg
0 التعليقات:
إرسال تعليق