السبت، 25 فبراير 2012

سماءٌ مخفوقة






.

أجلس على سطح السفينة التي لا تشبه السفن،
أراقب النوارس البيضاء التي تقترب وتبتعد.

النوارس بيضاء على خلفية لسماء رمادية شاحبة
ومياة خضراء تشبه حريراً مُكسَّراً بانتظام وصدئاً.

السماء ترتب السحاب في طبقات متباعدة فيبدو عمقها مكشوفاً جداً
النوارس تطير بالقرب مني،
وأنا أبحث عن زجاج السينما التي تعرض الفيلم بتقنية الأبعاد الثلاثية

لا أصدق كل هذا الصفاء ولا أقتنع باقتراب طيورٍ لا تخاف.

شعري يبتل بالمطر بينما يسويني العطش ببطء
صديقي يخلع الجاكت ليقدمه لي
وأنا أبتسم وأكتم تنهيدة طويلة
(لا أحتاج لرجلٍ يخلع الجاكت ويقدمه لي بحب، أحتاج جاكت على هيئة رجل)


في الظلام يكتب على صفحة يدي (أنا وحيدٌ جداً)
وأنا أقطِّع كل الكروت المكتوبة على وجهي وأبتسم (أنا مئتنسةٌ بذاتي)

السماء تتمشى عليَّ والبيوت تمنع نفسها من السقوط فوق رأسي
أعمدة الإنارة تتحرك ببطء وتخفي جروحها الدامية
يقفون جميعاً كحراسٍ لمدينة بلا اسم بابها الليل
يهدهدني الأتوبيس وأنا أنسى الطريق
وأتفرغ بالكامل لالتهام السماء


النور يظهر ويختقي في خطوط تتوازي على وجه صديقي
في انخاطف الضوء أشاهد خيط الدموع الذي يلمع
أفتح الشباك وألقي بذاتي إلى أسفل
كي يصرخ صديقي من الألم ويسمح لدموعه بالانهمار بقوة

لكنَّ أم كلثوم تحرسني بالهوى الغلاب* فأكتفي بالغناء فقط

الولد الذي يغازلني يشبه الصابون السائل
يستطيع محو الآخرين بسرعة
لكنه سيأكل نعومة روحي في الوقت ذاته

الصفاء الذي يشبه السماء يداويني
وأنا أبحث عن رجل يطل من البلكونة على قلبي المدفون في مدينة بلا اسم
قلبي الذي لا يصدق الجمال الطائر الذي يشبه النوارس
وينتظر كلمة النهاية دائماً


.....


*
أغنية لأم كلثوم

painted by: Alexander Daniloff



...

الأحد، 12 فبراير 2012

حدوتة الديوان التاني - تسكب جمالها دون طائل




.

تسكب جمالها دون طائل
دا الديوان التاني وما أدراكم ما الديوان التاني

بعد ما الديوان الأول ما نزل السوق من 3 سنين كدة ( تقفز من سحابة لآخرى)
كنت فرحانة أوي وعندي توقعات كتير أوي بخصوصه
أقلهم إنه هيتنافش والناس هتكتب عنه
اللي حصل إنه الديوان واجه مشاكل في التوزيع تخص دار النشر
وإنه متعملوش ولا مناقشة واحدة
لأني متصورة دايماً إنه النقاد لما يقروا هيتصلوا بقا
ويقولي نعمل مناقشة وكدة
مع إني ساعتها كنت فاهمة إنه الشاعر أو الكاتب هو اللي بياخد الكتاب
لفلان وفلان وفلان ويطلب منهم يحدووا معاد علشان يناقشوا الديوان

بس انا محبتش أعمل دا

وبمرور الوقت بقيت بسمع لردود أفعال الناس عن الشغل
لحد ما نزلته pdf
وساعتها حسيت إني طبعته مرة كمان
لأنه اتقرا أحسن كتير ع النت

المهم قرار الديوان التاني مكنش سهل أبداً
كان عليَّ إني أعمل تجربة مختلفة عن الديوان السابق
وإلا مفيش أي معنى إني أنزل نفس التجربة مرة كمان
المهم أنا سبت الوقت هو اللي يسوي التجربة على مهله
لحد ما في يوم قررت فيه إنه الشغل دا جاهز لإنه يخرج للناس

ابتدت رحلة العذاب للبحث عن ناشر
لحد ما اتحلت من عند ربنا لما قدمت في مسابقة المورد الثقافي
وفزت بمنحة لطباعة الديوان
وطبعاً زي أي واحدة ساذجة كنت شايفه إنه مشاكل الطباعة كدة اتحلت
لكن الحقيقة إني قعدت وقت طويل لحد ما استقريت على دار نشر
تطبع الكتاب بالمواصفات اللي انا عايزها


فرحة أو إحساس الديوان التاني مختلفة أوي
مفيش حاجة تشبه الديوان الأول خالص
يمكن علشان صدر في ظروف صعبة
فكانت مساحات الفرح جوايا ضيقة غصب عني

وجايز علشان التجربة التانية دايماً محيفة أكتر
خصوصاً إنه الناس مستنيين يشوفوا الديوان التاني دا بقى فيه إيه

أنا اجتهدت بحيث إنه يطلع في أفضل صورة ممكنة
وهتلاقو في آخر الديوان ملزمة رسومات ملونة

أتمنى الناس تنورني في حفلة التوقيع
ويقولولي رأيهم


حفلة توقيع ومناقشة ديوان ( تسكب جمالها دون طائل)
السبت 18 / 2 بمركز سعد زغلول الثقافي ( بيت الأمة)
الساعة 6 ونص مساءً
عنوان المركز: 2 شارع سعد زغلول – بجوار محطة مترو سعد زغلول

وده الإيفنت على الفيس بوك


......

عن حفل توقيع ( تقفز من سحابة لآخرى)




....

الخميس، 9 فبراير 2012

شوية أفكار مش مهمة خالص - نص مشترك




.

.
أنا كل ما أفكر فيه
تيجي قصاد عيني صورة براح،
راحة ... وشمس المغربية،
بيت صغير صدره واسع،
شبابيك كتير مفتوحة،
وستاير شفافة تحركها النسايم.... جاية ومعاها ريحة يود البحر


كل ما ييجي على بالي بسمع في ودني صوت فيروز ودرويش وموسيقى مارسيل،
بتخيل اسطوانة للست شغالة على جراموفون كُهنة بعد نص الليل
كل ما أقلق عليه بفتكر رغبتي المستمرة في محل الورد،

رغبتي الملحة في السفر،
بحس فجأة إني عايزة أتعلم الخبيز ... إني نفسي أبقى ماما أوي.
بزهد في الدنيا كلها،
والحاجة الوحيدة اللي بتمناها لمستقبلى
اني أعيش لحد ما أتحول لست عجوزة
قاعدة على كرسي قدام المحل بتاعها
بتغزل كوفية صوف تحت الشمس،
وهو قاعد جنبها يدخن سجايره فى منتهى الكسل

كل ما أحس إني عايزة أتكلم معاه يبقى نفسي أعتذر له
عن حاجات كتير معرفهاش ..
عن إني سايباه وقت طويل لوحده،
عن كل الألم والوجع..
أضغط على ايده وأقوله معلش ..

ببقى عايزة أجمع كل الخيال دا وأبعتهوله في صورة طاقة ايجابية
تخليه يعرف ينام بالليل !

أنا بس مش عايزة الموت يكسرنا ..


كل ما أفكر فيه
ييجي ف بالي ولد صغير واخداه في حضني،
أوقات بحس إن عندي أمومة زايدة تجاه البشر،
نفسي أطبطب على راسه و أقوله ماتخافش هانبقى كويسين


كل ما ييجي علي بالي بتخيله و هو بيغني أغنية بحبها
و يبوظلي لحنها و كلماتها

كل ما ظهري بيوجعني من الشيلة بحس بكتفه جنب راسي
هاميل عليه و اتسند و اسنده

كل ماحس إن صوتي محشور و مافيش فايدة من الكلام،
أغمض عيني و أشوفني و انا بتكلم معاه
و بقول كل الأفكار المجنونة اللي بتيجي على بالي



كل ما بفكر فيه
بابقى عايزة بس أوقف صوره الكتيرة اللي ورا بعض

برجع شريط الجوار بينا من الأول
وببطء
بسمع صوته تاني
وأوقف الشريط على ابتسامته ساعة ما قال الجملة دي


وسط كل دا بنت جوايا بتقعد تضحك عليّ
وتقولي بطلي هبل
بصي كويس في المراية
تفتكري إنتي ناقصة جرح جديد؟

المشهد بيبتدي رومانسي

الراجل والست بيحبوا بعض وبيقربوا من بعض بنعومة وحب

وبعدين فجأة حد فيهم يكتشف إنه اللي قدامه
جسم جبس متفرغ من جوة
وإنه كل المشهد اللي فات دا كان حلاوة روح أو هلاوس بصرية طويييييلة

مش ممكن حد يشوفني معاه وميجيش في باله إني بحبه

بس كل دا مش مهم دلوقتي

أهم حاجة إني بفكر فيه وإني لسة مصدقة في وجوده
خيط الأمل المشدود لسة مدبحنيش

مع إنه بيقرب من رقبتي أوي

....



نص مشترك لــ: ست الحسن وفلك وأحلام أميرة

....


painted by: Barry W. Scharf


....

الأربعاء، 8 فبراير 2012

فتافيت زجاج لامعة

.



.



.


1

أسقطُ في الشارع فجأةً دون أن يحدثَ أي شيء
لم أتعثر بطوبةٍ ولم يشتبك ثوبي بمسمار
لقد سقطت فجأة
ساقاي انثنت تحت ثقلي
ركبتي تحتكُّ بالأسفلت وأنا أرتجف
أرسم ابتسامة - كما عودتني أمي- وأجلس على الرصيف
أقنع ذاتي بإكمال الطريق
في المكتبة أجلس بابتسامة تفترش وجهي ولا أحد يعرف شيئاً عن قدمي المصابة
أحكي لصديقتي ما حدث فتحضنني
لا أشعر بأي شيء
لم أعد أشعر بشيء
ربما تحولتُ إلى جدارٍ عازلٍ دون أن أدري
لا أحد يعبرُ إليَّ أو يمدني بالفرح
لا أستطيع تعريف الفرح الآن
ركبتي المصابة ترتعش على السرير لكنني أكملت الطريق على أية حال
فرصتي ليست جيدة، ربما تكون ضعيفة
أنا بعيدةٌ عن الجميع ومزودةٌ بجدران عازلة
تسندني ساق مرتعشة تسقط تحتي من وقتٍ لآخر.



0

زجاج الفرن يتهشم فوق قدمي دفعةً واحدة
وأنا أبكي
كل الزجاج يتكسر على رأسي الآن
دون أن أبكي
لا أحد يقترب أو يبتعد
وجودي في العالم غير مرغوبٍ فيه
فقط



-1

لم أغسل يدي من الكاكاو العالق بها
الولد يفلت من مصيدة العلاقة ويجري
خياله يقنعه بالفرار
وعقله ممتليء بالهواجس الطازجة والعفنة
لم أقتسم ألمي مع أحد
أشاهد دمي يعبر الحجرة بسرعة ويصعد إلى السرير
يفترش الملاءة واللحاف
لا أريد اقتسام الأسى مع أحد

الولد قادرٌ على تعذيبي آلاف المرات بنفسٍ بريئة
أدخل بين اسطوانتين دوارتين
ويتم عصري ببطء
هذا الألم لا يخصُّ أحداً غيري
سأدهن به بشرتي قبل النوم
كي تأتي الكوابيس لانتشالي من الدم



-2

النور يغمرني ويخرجُ من بين أصابعي
ممتلئةٌ بالشغف حتى حافة قلبي
أغامر بقلبي مرة أخرى معك
أغامر بقلبي المكسور منك
معك



.......

painted by: Graham Dean


......

الأحد، 5 فبراير 2012

سيدة التفاصيل الناقصة

.








النَّاسُ ضيقون ... ضيقون جدًا
يسببون الألمَ مع الوقت، ولا يتمكنون من اختراع البهجة
اختراعُ البهجةِ الخام التي نحفظها داخلنا كي نحتمي بها
البهجةُ التي تشبه عيدان القرفة الخشبية
حلوة ولاذعة في الوقت ذاته

يتمنَّونَ لي عامًا سعيدًا ولا يفتحون أذرُعَهُم كي أدخل إليهم
يكتبون لي: سنة سعيدة
ولا يتبرعون بابتسامةٍ حيَّة تخترعُ السعادة

عيد ميلادي هذا تعيسٌ أيضًا
أبدو عاريةً من البهجة
أرتجفُ من وحدة تعيدُ إنتاجَ ذاتها بدأب
صلواتي كلها لم يُستجب لها
الله لا يحبني ... أيضًا
" أكتب ذلك وامرأةً تصرخُ داخلي: الله يحبك جدًا ... لا تنسي ذلك "

أيها العالم الذي يقضمُ قطعةً كبيرةً من عمري
ويلقيها بعيدًا جدًا
أنا أحاربُ الموت باختراع حيواتٍ جديدة
أخترعُ أحلامًا طازجةً، ولحظاتٍ محشوَّةً بالدفء
أخترعُ السماء واللون
أضع كل هذه الأشياء خلف الباب؛ كي تمنعَ الموت من الاقتراب مني
أغلقُ الباب وأكدس الأحلام وراءهُ

أنا الطفلةُ الضائعة في براح الأنوثة
لم ينقذني أحد
أضيّعُ ذاتي في الجمال الذي يسمونه فوضى
أتفتتُ داخل شجاعتي التي لا يقبلونها
يكتبون لي روشتةً كي أُشفى
سيعطوني مُضادًا حيويًّا كي أقمع كل هذه التلقائية
وشرابًا لن يسمح لضحكتي بالانطلاق بكامل خفتها
وحينما ينتهون من تقليمي جيدًا
سيتركونني أيضًا

أعيدُ تعريفَ كل شيءٍ
وأتراجعُ عن أفكاري الطائشة المتعلقة بالسحر الذي لا يمكنُ مقاومته
كبرتُ على كل هذه التفاصيل السينمائية
الأفكار تبتعدُ بقوةٍ كأنما تمَّ إلقاؤها في الفضاء
خارج الجاذبية تمامًا

يقول صديقي: إنهم لا يحبونكِ كما أنتِ
كوني كما يريدون كي لا تنهشكِ الوحدة
أعدِّدُ المرات التي حاولت فيها أن أكون أخرى ولم أستطع
ينصحني بإعادة المحاولة
فأرغبُ بتكسير السماء فوق رأسه
كي يصدق أنني أتألم


أريدُ أن أمتلك بيتًا يطلُّ على السماء
لكنَّ السماء ترفضُ دون إبداء أسباب

أريدُ شراء بيتٍ يطلُّ على سماءٍ ترفضٌ
ولا أمتلك أحلامًا تكفي لاسترضاء نفسي

أريدُ بيتًا يطلُّ على سماءٍ أعرفها
لا تطلب مني ارتداء قناع امرأةٍ مطيعة

أريد بيتًا يطلُّ على سماءٍ تشبهُ السماء
أو يختًا كبيرًا يذهبُ إلى البلاد البعيدة
البلاد البعيدة تبتهج كلما اكتشفت أنني لا أصطحب وشوشًا كثيرة في حقيبتي
لكنَّها تغضبُ إذا رفضتُ أن أخلعَ ملابسي


المونودراما لا تلائمني أبداً
تعبتُ من إنتاج الأفكار الشريرة والطيبة
ثم إعادة إنتاجها مرة أخرى
ثم لا شيء
لا أمتلك شجاعةً كافية كي أخرج هكذا ببساطة دون ثرثرةٍ فارغة
ولا أملك مسدسًا محشوًأ برصاص حي
كي أفرغه عن آخره في رؤس الجمهور السعيد
الذي يكتفي بمشاهدة كل هذا العبث

.....


painted by: Wladyslaw Slewinski


......