السبت، 28 يناير 2012

مقاطع من رسائل قديمة

.





1


إلى صديقي ..... في 13 يناير 2011
____________

الدموع تصعد إلى عينىّ وأنا أقرأ خبر سقوط بن على في تونس
أفرح وأخاف

ربما ما سأكتبه هنا تعتبره امرأة داخلي نوع من الجبن المتخفى
ولكنني لن أخرج في مظاهرة مثلما خرج شعب تونس
لن أفعل لأنني أتصور الحياة أعلى من أي شيء
ولن أتسامح في دم ابني أو أخي أو صديقي
حتى ولو ضمن الحرية لوطنٍ كامل

الأمهات اللاتي فقدن أطفالهن على الجبهة بدعوى التحرر والنصر وكل تلك الكلمات البراقة
لا أحد يعرف حزنهن
أختار أن أكتب ... ولا أختار الموت أبداً

كنت سأمنع أولادي ولو بالعنف من الخروج إلى الموت
ولا أعرف ماذا يمكن أن تسمي هذا الإحساس
العالم يفرح بالحرية
وأنا أبكي على الموتى / الشهذاء
أتصور أنه في كل العصور ينقسم الناس إلى ثلاثة فرق
فريق الأبطال الذين يموتون لرفعة الوطن
وفريق العاجزين ... وفريق الجبناء

أنتمي للجبناء الملعونين غالباً
وأتصور أن المشهد كما حدث هناك سيحدث هنا قريباً
يملأني الخوف ولا تملأني فرحة التحرر من المحتل الوطني

أخشي عليكم جميعاً
وأعرف أننا جميعاً لا نتمتع بحياةٍ كريمة على هذا الوطن
ولا مستقبلَ لنا تقريباً اذا استمر الوضع على ماهو عليه
وأعرف أن الموت سيجيء من أي اتجاه إذا حان وقته
لكنني أخاف
ولا حيلة لي في هذا


..........

2

إلى صديقي ....... في 25 يناير 2011
____________________



أستيقظ من النوم وتتبقى بداخلي صورة الكلب ( ريتشي )
الذي أُقبِّلُ رأسَه فيبقى معي لأنه يتأكد من محبتي
هذا الكلب الذي لا أعرف كيف أحتفظ به

وتقرر أختي أن تأخذه أو أن يظل معها

أشاهدها تُقبِّلُ رأسه فأربت عليه وأقبِّل رأسه
فيقرر أن يكون معي

لا أعرف سوى أنه حلم عن الولاء والمحبة

عن اكتساب المعرفة الجديدة


أستيقظُ متعبةً قليلاً برغم الحلم الملهم

الأخبارعلى الفيس بوك تصيبني بالدموع وبانهمار المشاعر التي لا اسم لها
أتصل بأختي التي تصور هناك في مواقع الأحداث

عائلتنا بأكملها تجلس في البيت ولا أحد يعترف بإمكانية التغيير


أريد أن أكون معهم الآن
أتصل بأختي كي أكون معها فتتعلل بكونها في مكانٍ بعيد

وتطلب مني أن أنزل إلى التحرير
أو أتصل بأصدقائها كي أذهب معهم

أحاول الكلام مع صديقتي لأجدها غارقةً في مشاكلها الخاصة
غارقة ولا ترغب بالخروج

سأنزل غداً ربما

أقول لأخي سأنزل الآن فيحاول منعي بالقوة
لم يكن ليستطيع منعي أبداً إذا لم أكن متعبة هكذا وخانعة قليلاً

أحاول التفكير بأصدقائي الذين سيخرجون معي فلا أجدهم
لا أجدهم داخل ذاكرتي
هل تفهم ذلك؟

المشاعر تتجمع كحزمة كبيرة بلا مسميات تخنق ممر التنفس الصغير الذي يسمح بمرور الهواء إلىَّ
ربما سأشفى بعد قليلٍ من التعاطف

الحياة تتغير إذن والنور سيأتي لأن ميعاده قد حان
يارب
أنر قلوبنا بنورك واهدنا لمحبتك
آمين



......

3

إلى صديقي...... في 26 يناير 2011
_______________________

لا أعرف أين أنت اليوم؟ أو لماذا لم تكتب لي؟
لم أتصل بك كي لا يرعبك كمُّ الأسى في صوتي.
أختي تقول أن هناك ثورة حقاً، وأن الناس في الشارع تطالب بإسقاط النظام
وأنها ليست مظاهرات تشبه جميع المظاهرات
وأن الناس العاديين جداً هناك


كلما حكت لي أشعر بتأنيب الضمير أكثر

كان يجب أن أكون هناك

حكت لي عن البواب - الوطني على حد قولها -
الذي تركها تصعد هي وزميلها سطح العمارة العالية المواجهة للميدان كي تصور
حكت لي عن الخوف المرتسم على وجوه أفراد الأمن

وعن الاندماج في الجميع

أحتاج أن أصرخ وأبكي معهم أنا أيضاً


سأذهب لأنام .... كي أستيقظ
أريد أن ننزل سوياً إلى المظاهرات
أراك على خير

.....

4

إلى صديقي ....... في 27 يناير 2011
__________________________________

ماعي الرعاية؟
الرعاية هي الاهتمام الحقيقيَّ بالآخر
الاهتمام من الهم أي من تحمل هموم الآخر ومشاكله
الرعاية هي الحفاظ على الآخر سعيداً ، ومتابعة نجاحاته والمساعدة في تحقيقيها
الرعاية هي أن تكون مسئولاً عن راحة وسعادة وسلامة الآخر
الشعرة البسيطة التي تفصل الرعاية عن السيطرة هي التحكم
أن تتحكم في الآخرهذا يعني ان تسيطر عليه
أن ترعاه = أن تحترم اختياراته

أعرف أنك شعرت بقلق حقيقيٍّ عليَّ،
وأنك تصورت كم الأشياء المرعبة التي ستحدث لي إن دخلت مظاهرة
وتم شدي داخل عربة البوليس، أو تم الاعتداء عليَّ بأي شكل من الأشكال.
أنت تفكر أيضًا بأنني حتى لو خرجت معك فلن تستطيع حمايتي
لأنك أصلاً لا تستطيع حماية نفسك من البطش،
تتصور أنك بإبقائي داخل بيتي تحميني ولكنَّ البيت ليس أمنًا بأي حالٍ من الأحوال.

الحياة في هذا البلد ليست آمنة بالمرَّة ،
بإمكاني أن أظل في البيت لكنه سيسقط فوق رأسي،
سأمتنع عن النزول في المظاهرة لكنَّ قنبلة ما ستنفجر بي وأنا أمشي في الشارع،
سيعتدي عليَّ أحدهم دون سبب أيضاً
الحياة ليست آمنة في هذا البلد
سأخرج إلى المظاهرة كي أحقق هذا الأمان ، سيحدث ما يجب أن يحدث ... لا تخف
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"

ثم تصوَّر معي سيناريوهات المستقبل
إذا نجحت الثورة سأشعر بالهوان لأنني جبانةٌ جداً لا أستحق تلك الحرية التي جلبها لي الآخرون
وإذا فشلت سأشعر بالمسئولية عن كل شحص تم إيذاؤه أو قتله
لأنني قد تسببت في كل هذا حينما خفتُ على نفسي ولم أفكر بهم.

الاتصال بيننا صار ممتلئًا بشحنات ألمٍ خفيَّة
لقد ذكرتني بإخوتي الذين يقاومون عقلي بالعنف،
لم تفعل أي شيء ... أعرف
لكنك اقتربت من جرحٍ ساخن وأثبتَّ لي أنني وحيدة جداً.
أقدِّرُ أن خوغك عليَّ هو محبة منك مثلما أعرف أن إخوتي يحبونني
لكنني كنت أظن أنك تشبهني.

ربما لن أرسل هذا الخطاب لك
وربما ستقرأه في يوم ما
لا أعاتبك لأنني لم اتألم منك
أنا أتألم من جرح قديم ربما سيبرأ قريباً

أكتبُ لك الآن لأقاوم خوفي
أخاف أن يعتدي الأمن عليَّ وأخاف أن يقتلوني
وأخاف أكثر الا أجد أحداً أذهب معه
لا أريد أن أكون وحدي هنا، أريد أن أكون هناك
يارب
لا تخذلني وامنحني قوة ومحبة من عندك
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"



....


painted by: Margaret Morrison


.........

4 التعليقات:

Baskouta يقول...

انا بخاق من احساس الخوف
احساس ان مفيش أمان

وانتي وصفتي بجد وبصدق الاحساس ده

خوف من اللي جاي
خوف من الحزن
خوف من الموت
خوف من المجهول
خوف من اي حاجة بتوجع

انا بخاف اتوجع على اي حاجة او اي حد
لا مش بخاف
انا بترعب من الوجع


انتي دايما بتكتبي وكأنك راوي رحال شايل معاه حكايات كتير من قلوب من كل حتة في الدنيا

مش هقولك بتعجبني كتاباتك
لكن هقول بحب الحالة دي
حالتي وانا بقرالك

Doaa Fotoh يقول...

عارفة يا غادة كنت أتمني أكون في شجاعتك وأكتب بجد عن احساسي في الأيام دي، المشكلة ان الأيام المهمة في حياتنا اللي بنتمناها طول عمرنا بتيجي ساعات وأحنا مش لوحدنا فبتبقي القرارات ناقصة ومبتورة فتكتفي بخناقة أو اتنين ولتر دم صافي من روحك يمكن يمشو في عروق حد يستاهل الحياة أكثر منك، وتقتل جواك احساس جديد بالتخاذل لأنك بتتصرف عكس ما روحك بتتمني عشان في حسابات أخري، وأشخاص بتتقاطع حياتك مع حياتهم وخوف مصفي من فكرة الموت والحساب والمقاصد وووووووووإلي مالا نهاية.
تدوينة حلوة وممكن اكمل عليها وأكتبلك أنا يوم 28 يناير يمكن يكون عندي كلام حقيقي أقوله.

نيللى على يقول...

حسبي الله ونعم الوكيل

ست الحسن يقول...

بسكوتة

انتي دايما بتكتبي وكأنك راوي رحال شايل معاه حكايات كتير من قلوب من كل حتة في الدنيا

جملتك دي فرقت معايا أوي
ياريت فعلاً أكون بعرف أعمل كدة
يسلم إحساسك ووجودك الجميل

...

دعاء الجميلة

أنا مستنية النص بتاع 28 يناير
نزليه ع المدونة وأنا هاحط اللينك في التدوينة دي فوراً

وتسلمي يا دعاء على كل البراح دا

....

نيلي علي

حسبنا الله ونعم الوكيل

....