الاثنين، 13 مايو 2013

إلى محمد







حين أستيقظ مبكرًا أكون خارج طبيعتي قليلًا،
في التاسعة صباحًا تبدأ أحلامي في الظهور،
لكنني أغادرها لأجل أن أذهب إلى مارثون الكتابة،
بنظرة واحدة اكتشفتُ أن المكان سيكون بطل حكايتي.
نورالشمس يردني إلى ذكريات بعيدة،
لا أحمل صورًا واضحةً عنها.


هناك أوقات أتظاهر فيها بأنني نفسي،
أحب الشمس فعلًا، لكنني أحيانًا لا أشعر بشيء،
وأتظاهر بكوني نفسي؛ كي أجذب إليَّ الآخرين.

في هذا اليوم كان من المفترض أن لا أشعر بأي شيء، لكنَّ الشارع الخالي في صباح الجمعة ردَّ إليّ مشاعري.
لم أكن أتظاهر بمحبة الشمس إذن، كنت أحبها دون أن أحاول إعلام الآخرين بذلك.
أجلس وسط دائرة من الغرباء/الزملاء وأتسائل لماذا أتيتُ إلى هنا أصلًا ؟


بدأتُ الكتابة
كتبتُ الكلمة الأولى وشددت الخيط بعد ذلك
لم أكن معنية بجمال ما أكتبه أو جودته، قلت لنفسي سأكتب فقط مثلما ألعب بالألوان دون هدف.

البنت التي تجلس جواري كانت تملك دائرة تلمع حول عينيها،
وبدت كأنها تنظرإليَّ ولا تراني،
بدأت تكتب بالفلوماستر، ثم بعد انتهاء اللعبة الأولى طلبت مني أن أقرأ بدلًا عنها،
أحبُّ الإلقاء بشكلٍ خاص، وبالصدفة تجلس هي بجواري وتطلب مني أن أقوم بما أحبه.

ما أحبه أكثر هو التعرف على الناس،
معرفتهم حقًا،
هذا لا يشبه الثرثرة القصيرة في المقهى، ولا يشبه التعليقات المشتركة على الأعمال الأدبية في الندوات، ولايشبه تبادل الرسائل الطويلة على الفيس بوك.

أتجول في المكان وأتكلم معك عن الكتابة،
أحكي لك عن لعبة الرسائل، وأطلب منك أن تكتب معي رسالة،
أفكر...."سيراها فكرة ساذجة، وغالبًا لن يرغب بمشاركتي الكتابة"
ما كان مدهشًا حقًا أنك كتبت الرسالة في اليوم نفسه، وقرأتها أمام الجميع، كنت تقرأ وأنا أضحك مثل طفل تلقى هدية مفاجئة.

في آخر اليوم ذهبنا جميعًا إلى المترو، وكنتُ أحكي لك عن صديقي الذي يتصرف معي بطريقة لا أفهمها، فأجبتني بما أطلق ضحكة طويلة وعالية من داخلي.
هنا بدأت في التعرف عليك
وهنا وصلنا إلى سلم المترو


لا أرغب بكسر الحواجز بيني وبين الناس يا محمد،
أرغب في القفز عليها، كسر الحواجز داخلي استهلك عشر سنواتٍ وربما أكثر،
أضع قلبي مفتوحًا أمام النافذة تحت الشمس، وأغنِّي
أقترب من الناس ببساطة شديدة، قلبي معروض داخل فاترينة مفتوحة بإمكان أي شخصٍ أن يلمسه، لكنهم لا يعرفون أنه غير متصلٍ بي.
أنا أحكي لرجلٍ أقابله للمرة الأولى مثلما أحكي لحبيبي،
لا توجد مرة ثانية ،
لانملك إلا مرة واحدة كي نترك علامتنا.

لكنَّ ما أكتبه الآن لا يناسب كل الغادات
إحداهما تخبرني بأنها عطشى إلى الونس؛ لذلك تحكي مع الجميع،
والأخرى تخبرني بأنني لا أختار الناس الذين أحكي معهم، إنهم يأتون إليَّ في ميعادهم فقط.

أستطيع أن أخبرك كيف تمحو المسافات بينك وبين الآخرين
على أن تعلمني كيف أكون امرأة يحتاجون إليها .




.........
غادة خليفة
مايو2013
....

...


painted by: Bernard Buffet


2 التعليقات:

هدير عرفة يقول...

لانملك إلا مرة واحدة كي نترك علامتنا
,
لسيدة المرات الأولى ؛ تحية دافئة!

ست الحسن يقول...

شكرًا لوجودك الجميل يا هدير
تسلمي

:))))