الاثنين، 28 يناير 2013

مع السينما ذلك أفضل

.







يضعنا المشهد الأخير في مأزق خاص
بعد أكثر من ساعة في مشاهدة الحكاية التي يحكيها لنا الناجي الوحيد من السفينة
نجده يروي حكاية مختلفة ومختصرة للمحققين في أربع جُملٍ قصيرة
ويتركنا الفيلم حائرين بين اختيارين
إما أن ننتصر للخيال ونصدق صراع شاب يافع مع نمر داخل قارب تائه
أو نختار القصة الأخرى التي تمت كتابتها داخل التقارير الرسمية


قبل مشاهدة الفيلم بيومين تقريبًا كنت أجلس على سريري بجوار شمعتين

أكتبُ خطابًا لحبيبٍ لم أره منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر ... أكتب وأبكي وأتساءل بصدق لماذا أكتب ما أكتبه الآن؟
الحكاية المنتهية القديمة لماذا تتدفق بكامل قوتها بين أصابعي هكذا وتخرج عارية من الأقنعة وصادمة.


بعد مشاهدة الفيلم أخبرتُ صديقتي عن الإجابة التي سقطت على رأسي داخل الظلام
الحكاية الواقعية المختصرة لا يمكن التعايش معها أبداً، إنها قاسية جداً ومخيفة ولا يمكن لأحدٍ أن يقبلها كما هي ويكمل حياته
هذا الشاب الصغير اختار أن يصنع قصة موازية أو بديلة لما حدث فعلًا
كي يستطيع أن يقبل الألم وأن يوقف النزيف
اختار أن يستبدل الأحداث بأحداثٍ أخرى ملونة وخفيفة ويمكن إكمال الطريق معها دون الوقوع تحت ثقلها الشديد

هذه قصة حياتي أنا أيضًا
وإلا لماذا ألجأ إلى الكتابة أصلاً
أحتاج أن أعيد تلوين القصة وأن أخترع التفاصيل الناقصة كي أقبل الألم 

في الشارع أصرخ بجوار صديقتي
لهذا اخترع الإنسان الفن .









لا يريد الطفل الصغير أن يكبر أبداً كي لا يمتلك أفكارًا تعيسة مثل كل الناضجين
يريد أن يكون خفيفًا وطفلًا إلى الأبد
يعيش في مدينة داخل خياله
يحلم داخلها بكونه أصبح رجلًا شريرًا وزعيم قرصانة وحيد

كيف يعيش وحيداً داخل طفولته الأبدية دون أن يخترع المعارك وينقسم على ذاته كي يتحول داخل خياله إلى أسوأ تصور ممكن عن مستقبله
يعيش داخل معارك من اختراعه تستهلكُ هذا الزمن الذي لا يمرُّ 


هذا الولد الذي يشبه حبيبي
حينما يصنع قنابل خياله في الظلام ويتمتع بمشاهدة ذاته يائسًا وبدينًا داخل حجرة نوم كالحة الألوان ومقبضة
معارك الخيال تسرق عمره ببطء
وتعكس صورته كطفلٍ لا يكبر داخل مرآةٍ تخدعه بإصرار
الطفل الذي لا يريد أن يتألم ... لا يكبر ولا يتعرف على الحب أبداً
نافذة الألم يتم غلقها بعنف بعدما نتخلص من كل الآخرين
سيتركهم جميعًا كي يتجمدوا من البرد
الجبيبة الجديدة والقديمة ... الأصدقاء ... وكل الكتب والأفلام والأحلام التي تخبره أن يقفز إلى الحياة فقط دون ضمانات.







يختار البطل أن يغامر بفقدان ذاته كما يعرفها
فقط كي يكون مع امرأةٍ يحبها
يختار أن يفقد جماله الأبديّ وأن يفنى داخل الحياة
هذه الحياة التي لم يطأها من قبل 
وظلَّ يراقبها تتغذى على حيوات الآخرين كي تكتمل الدائرة 


أتذكرُ الرجل العجوز في فيلم
حينما منح كيت وينسلت عددًا من الأفلام كي تشاهدها
فقط كي تعرف كيف تتصرف كبطلة داخل فيلمها الخاص / حياتها
ولا أصدق أنها المصادفة فقط هي التي تجعلني أشاهد "مدينة الملائكة"
كلمًا كان حبيبي حاضراً بقوة داخلي.

.

.



كلُّ هذه الأفلام تمرُّ بي كي أتعلم شيئًا لا أرغب في تعلمه
بل وأقاومه بشدة
ليس بإمكان الحدوتة أن تنمو على قدمٍ واحدة
البطلة المنفردة لا تخبز الحب وحدها أبدا
على البطل أن يكون قادراً على الحركة في الواقع .... بنزين الخيال ينفد دائمًا وتخبو العلاقة ببطء
إذا أردت أن تنهي علاقة دون أن تتورط في الأفعال
عليك أن تتجمد باتجاهها
فقط لا تفعل أي شيءٍ
وتَجَاهَل كلَّ ما يحدث.





.....

6 التعليقات:

bent ali يقول...

لهذا خلق الفن يا غادة !

ياسمين خليفة يقول...

كلامك عن هدف الفن عجبني جدا من خلال الفن نستخدم خيالنا لاختراع قصة تساعدنا على الهروب من الواقع المؤلم

إبـراهيم ... يقول...

برضو أنتظر منكِ كتابة أكثر تركيزًا على حياة باي الرواية وقراءتك لأبعادها وكل ما قلتيه لي ..


مش عاوزين كروتة :)

hanan khorshid يقول...

البوست حلو أووووووووووى
اكتر فيلم بحبه فيهم هوليداى
واول مرة افهم كويس السبب الى العجوز اعطى كيت ونسليت الافلام بسببه
......
الجملة دى :
"البطلة المنفردة لا تخبز الحب وحدها أبدا
" عبقرية آآآآآآآآآآآآخر حاجة :)

Unknown يقول...

إذا أردت أن تنهي علاقة دون أن تتورط في الأفعال
عليك أن تتجمد باتجاهها
فقط لا تفعل أي شيءٍ
وتَجَاهَل كلَّ ما يحدث.

الخوف ان نشتعل فى مكاننا ونحن واقفون بلا حراك بفعل بنزين الخيال حيث سنكتشف تدفق له ومحاولات التجاهل ستكون بمثابة شرارة الاشعال فى هذا البنزين

ست الحسن يقول...

وفاء

آه والله

_______________

ياسمين

شكرًا لاهتمامك وتعليقك

__________

ابراهيم

ركز انت بس
أنا كتبت كل اللي اعرفه عن الفيلم

__________

حنان

مبسوطة إنك أعدتي اكتشاف الفيلم
أوي

تسلمي

__________


.........

شكرًا لمرورك وتعليقك