الجمعة، 16 أكتوبر 2009

ثم كان أن





لم تُرِد أن تُعرف أو تكتب عن نفسها أي شيء

حتى أنها كانت تتعمد ألا تنظر في المرآة عند خروجها كل صباح كي تنسى من تكون ،

ولكنها كانت تفاجأ دائما - وبشكل صار مملا بعد ذلك -

في كل طريق تسير فيه أن أعمدة النور و الأشجار و العابرين يتكلمون عنها ويكتبون إليها

و أن الريح تبطئ المسير إذا مرت حولها ،

وأن الذباب يحترق إن اقترب منها ،


غير أنني لم أكن أحب السير مسرعا كالريح كما لم أكن ذبابة ،

لذا فلم أجد يوما مشكلة في القرب منها إلا عبورها لي كالهواء ،

وكنت سعيدا حقا في البداية إذ كان لإحساس العبور الأول نشوة صوفية

دفعتني إلى إطلاق الوعود العنترية بالتصرف كما يليق بأى ظل يحترم نفسه

بأن أعرف ما أريد و بألا أكتب عنها بتاتا لكي لا تكرهني

و يكرهني النيل الذي كان أكثر من فعلوا ذلك بطشا ،


غير أن الموضوع تحول إلى أرق دائم لي

فصرت أتحسس وجهي طول الليل وأطيل النظر في المرآة

لأتأكد من الوجود المادي لأطرافي بعد أن لاحظت شفافيتي الزائدة أمامها ،

حتى أنني قررت بعد ذلك أن أقول لها أحبك أو أحتضنها أو أقبلها أو أصفعها

فمرت ذراعاي في الهواء الثقيل،

ثم تطورت محاولاتي للتحقق من وجودي حين حاولت أن أنتحر مرارا لحظة مرورها خلالي

في محاولة فاشلة لحبس جسدها في إطاري ،

لكنني كنت كل مرة أموت ويمر جسدها من خلالي بسهولة تامة ،

لأجد نفسي ملقى في شارع مكتظٍ بجثث رجال شفافين مثلي و أكثر ..



كنت أموت كثيرا وأعود لأراها من جديد فأقترف الوعود نفسها ،

ثم أضبط نفسي متلبسا بالكلام عنها في الشوارع كأعمدة النور والأشجار والعابرين ،

وبالكتابة إليها في رسائل حبي السرية التي ألقيتها كلها في النيل لكي لا ينتقم مني


مرت أعمار كثيرة منذ عرفتها ولم أعرف بعد ما أريد






.. ... ..... ..... .. ... محمد سيد حسن










.................






5 التعليقات:

nudy يقول...

حلوة جدا خصوصا لما حاول يحبسها في اطاره بالانتحار ولكنه مات ومرت هي من خلاله
اختيار حلو قوي بس ايه اسم الكتاب

علي فكره الصوره كمان حلوة خالص

وحشتيني وحشتيني وحشتييييييييييييييييييييييييييني

شفـقــة و إحســــان يقول...

أحييكي على ذوقك الراقي
وإختيارك للكلمات الرشيقة

وتقبلي تحياتي
إحســـان

سارح فى ملكوته يقول...

السلام عليكم
رائعة يا استاذة غادة دائما
بجد روعة
خالص تحياتى

Zika يقول...

انا عاجبني البوست اوي وبقالي ساعه بادور ع اللينك بتاع الكومنت
مش لاقيه فين في الاخر لقيت خط بالاصفر
لازم التعب ده
:)
تحياتي

ست الحسن يقول...

القصيدة رائعة فعلاً
ولمست قلبي أوي أول ما قريتها
فيها شعور حي وإنساني جداً
لدرجة اني حسيت اني كتير ممكن أكون في موقف البطل
لأن مفيش حاجة اسمها مشاعر الست ومشاعر الراجل المشاعر الإنسانية كلها واحدة

لذا فلم أجد يوما مشكلة في القرب منها إلا عبورها لي كالهواء ،

ياااااه
جملة بسيطة أوي ومعبرة جداً



.......

نودي

نورتي يا افندم
القصيدة حلوة فعلاً والدبوان تحت الطبع

وانتي كمان واحشاني يا قمرة

.......

شفقة وإحسان

أهلاً بيكم في المدونة
ومبسوطة ان قصيدة محمد عجبتكم

ومروا دايماً

......

إسراء

القصيدة جميلة فعلاً
بس دي بتاعة محمد سيد حسن مش قصيدتي

تسلمي يا جميلة

........

زيكا

نورت با افندم
ومبسوطة ان القصيدة عجبتك

ونعالى دايماً

....