الست مرجانة هو الاسم الحركي للمرأة التي نوَّرت حياتي
الساحرة الطيبة أو المداوية (الشافية)
لا أعرف كيف لم أحكِ عنها من قبل وهي التي حرَّرت ( ست الحسن) بداخلي
وأظهرت جمال ( أمنا الغولة ) وساعدتني على رؤيتهم بداخلي معاً
وعلى تقبلهم معاً
حينما ذهبت إليها كنت طافيةً فوق بحيرةٍ من دموعٍ ووجع واضطراباتٍ شديدة وحادة
كنتُ منعزلة داخلي لا أسمح لأحدٍ برؤيتي _ انا كما أنا _
لئلا يفزع من أنياب أمنا الغولة ( التي لا تعضُّ بقدر ما تحاول حلَّ وثاقها )
أو ينخدع بجمال ست الحسن ( الزائف والممتلئء بالغرور حينما تتعمده ) .
حياتي كانت منقسمة وضائعة في الغضب الذي لا شفاء منه،
الغضب المنهك والهادر للطاقات
الغضب الذي لا يسمح لي بالتقاط دفء الآخرين أو تقدير الحنان الذي يسكنني
كنتُ غاضبة وممتلئة بمشاعر سريعة الاشتعال ،
أتشاجر مع ظلي ومع كل الظلال الأخرى
الكتابة ، كنت أخاف أن أعرضها على أحد خشية السخرية والرفض
لأنني أنا كنت أسخر من نفسي وأرفضها
ولا أرى أىّ جمالٍ فيما أبدع ( بغرورٍ شديد كنت أُحاسب نفسي على الكمال )
كنتُ منهكةً ومتعبة ولا أملك أي رغبةٍ في أن أعيش أكثر
ذهبتُ إليها كخطوةٍ أخيرةٍ قبل الانتحار
في البدء كانت العلاقةُ بيننا شائكة
والسحر مفعوله لا يحدث إلا بعد أن تصعد الجبال السبعة
الجبال السبعة لا تستطيع رؤيتهم ، فقط تشعرُ بهم حينما تلمسهم دون قصدٍ في ظلامٍ واسع
الإبحار داخل غابة النفس الوعِرة والمخيفة يحتاج لإرادةٍ وإيمان
لم تكن امرأةٌ عادية يمكن مصادفتها في حياتنا القصيرة
إنها ترى وتجعلني أري
بعينىَّ لا بعينيها
لم تكن تصبُّ لي الماء حينما أقع من العطش
فقط تقول : تحملى وانتظري ما سيحدث
في البدء كان الانتظار بلا نهاية والمجهود منهكٌ وشاق
بعدها بدأ النور في الظهور والتلاشي
كانت تفرحُ معي كلما انبعثت فلاشات قوية من النور ولم تكن لتنهار إذا اختفت
كانت تقول : ( أن العتمة يمكن أن تصبح نور في أعمق معانيها
وأن النور ما هو إلا حجابٌ في أبعد معانيه )
وهل كنتُ أفهمُ أنا ماذا يحدثُ لي حينما تنفلتُ ضحكةٌ من قلبي فينقلبُ العالمُ إثرها
لم أكن أفهم
كنتُ أؤمن بالنور القادم وبالأشياء التي ستأتي لأننا نريدها أن تأتي
ونعمل بدأبٍ لأن تأتي
أما هي فكانت تساندُني وتجرَّب معي طرقاً لا تعرفها في الدخول إلىَّ
والذي يتحول أحياناً إلى طريقةٍ للدخول إليها
المرأة المداوية لا تعرفُ كم النور والنار التي منحتهما لي
ولا تعرفُ أنها علمتني طريقتها في الدخول إلى الآخرين
لا يمكن للآخرين أن يكونوا على حقيقتهم معنا إلا إذا كنَّا نحن على حقيقتنا معهم
علَّمتني أن الصدق هو الجمال الذي لا يمكن مقارنته بأي جمالٍ آخر
وأننا لأن نكون كما ينبغي أن نكون
يجب أن نعرف القبح الذي يسكننا والضعف الذي يتواري خلف قوتنا
وأن نقبلهم كما هم كعطايا وهبات لن نعرف مقدارها إلا حينما يحين الوقت لأن نعرف
المرأة الجميلة مستني بسحرها فأضأتُ
وانبعثَ النور إلى العالم فظهر لي طريق ونبتت لي أجنحة
الطيران الذي لم أجربه أعرفُ الآن أنني سأتقنه وسأطير حينما ينبغي لي أن أطير
لا أستطيع أن أكتب كم الامتنان الذي أحمله بداخلي
ولا أن أقدَّر حجم الجمال والمحبة التي تركتهم بي هذه المرأة
صديقتي الجميلة جداً والغالية أكثر مما تعرف
شــــــــــكراً
غادة خليفة
..............